وكما حدث مرارًا خلال هذه الأيام في "سباق بويلتا"، وأيضًا في فعاليات أخرى لرياضة الدراجات على الطرق، فقد جاءت الاحتجاجات دعمًا للشعب الفلسطيني واعتراضًا على مشاركة فريق Israel-Premier Tech، الذي تأسَّس خصِّيصا بهدف معلَن هو الترويج لصورة إسرائيل عبر الرياضة.
تباينت مواقف الدرَاجين المشاركين في الطواف (الذين يزيد عددهم حاليًا عن 160 متسابقًا). فقد تردَّدت أنباء عن مجموعة على تطبيق "واتساب" تضمُّ عددًا منهم، حيث دعا بعض المشاركين فيها زملاء فريق Israel-Premier Tech إلى الانسحاب من السِّباق. ومع ذلك، المؤكَّد هو أنَّ لقاءً جرى بالفعل بين ممثِّلين عن بعض الدرَّاجين والمنظِّمين، لمناقشة أوضاعهم الأمنية وليس موضوع انسحاب الفريق الإسرائيلي. وفي مرحلة سابقة من السباق، أدَّت محاولة متظاهرين إغلاق الطريق أمام مرور الدرَّاجين إلى سقوط الإيطالي «سيموني بيتيلّي»، الذي يشارك مع الفريق الفرنسي Intermarché-Wanty.
😟 ¡ALUCINANTE! Momento en el que varios activistas pro Palestina intentan acceder al recorrido de La Vuelta en la etapa 11 (Bilbao) mientras pasaban los ciclistas pic.twitter.com/xqhJNZhGGV
— Tiempo de Juego (@tjcope) September 3, 2025
من جانبه، أكَّد اتحاد الدراجين المحترفين (CPA) على “حق الجميع في التظاهر”، لكنَّه شدَّد في الوقت ذاته على أن “الاحتجاجات لا يمكن أن تحدث عبر تعريض الرياضيين، الذين يؤَدُّون عملهم، للخطر”. إذ تصل سرعات الدراجين في بعض المقاطع المستوية إلى 60 كيلومترًا في الساعة، وأي محاولة لاعتراض الطريق قد تشكل خطورة بالغة على المتسابقين والمتظاهرين على حد سواء.
وفي مقابلة أجراها الأربعاء مع The Cycling Podcast، قال الإيطالي «إيليا فيفياني»، المتسابق في صفوف الفريق البلجيكي "لوطّو": “من جانبنا كدراجين لم يكن مطروحًا أبدًا موضوع انسحاب فريق Israel-Premier Tech، لأنَّنا لا نرى من الصواب الوقوف ضد زملائنا في المهنة.”
بوجه عام، ركَّزت مواقف وتصريحات الدرّاجين خلال الأيام الأخيرة على القضايا المتعلِّقة بأمنهم وسير السباق، أكثر بكثير من مواقفهم الشخصية اتِّجاه الاحتجاجات أو مشاركة الفريق الإسرائيلي. وقد أكَّد الفريق نفسه في بيان: “إن Israel-Premier Tech فريق دراجات محترف، وسيبقى ملتزمًا بالمشاركة في الطواف. أي سابقة أخرى ستكون خطيرة على مستقبل رياضة الدرَّاجات وجميع فرقها.”
جدير بالذكر أن الفريق تأسَّس عام 2014 على يد رجل الأعمال الإسرائيلي-الكندي «سلفان آدامز»، وانضمَّ عام 2020 إلى World Tour، وهو أعلى مستوى في سباقات الدراجات العالمية. ويؤكد «آدامز» على أنَّ هدفه من وراء إنشاء الفريق هو الترويج لصورة إسرائيل عبر الرياضة. وكان قد صرَّح في مايو 2023 قائلاً: “إن دَرَّاجينا يدركون أنهم بانتمائهم إلى فريق إسرائيلي هم سفراء لبلدهم الأصلي». كما وصف «آدامز»، في نوفمبر من العام نفسه، الغزو الإسرائيلي لفلسطين بأنه «صراع بين الخير والشر، والحضارة في مواجهة الهمجية.”
وقد ارتبطت حدة هذه الاحتجاجات أيضًا بانطلاق ووصول المرحلة الحادية عشرة من مدينة "بلباو" في إقليم الباسك، حيث يحظى الفلسطينيون تاريخيًا بتأييد واسع بسبب قوة الحركة الانفصالية المحلية هناك.
وأثارت المظاهرة الأخيرة جدلًا واسعًا، ليس فقط بشأن توظيف الأحداث الرياضية الكبرى للتعبير عن قضايا سياسية، بل أيضًا حول مسألتين أخريين: سلامة المتسابقين في مثل هذه الظروف، والجدل القائم حول مشاركة فريق Israel-Premier Tech. وقد تحدثت تقارير عن محادثات بين بعض الدرَّاجين الذين دعوا إلى استبعاد الفريق أو انسحابه، وهو احتمال أشار إليه أيضًا المدير الفني للسباق، «كيكو غارسيا». إلَّا أنَّ الفريق الإسرائيلي أكَّد على رغبته في مواصلة المشاركة حتَّى المرحلة الأخيرة المقرَّرة في 14 سبتمبر الجاري.
#LaVuelta25 pic.twitter.com/oM0toL3Q9I
وجاء قرار "تحييد" المرحلة (أي إنهاؤها قبل موعدها المقرر وبشروط مختلفة) عند بُعد نحو 15 كيلومترًا من خط النهاية، وذلك بعد احتجاجات سبقت الانطلاق، ثم بسبب وجود مئات المتظاهرين في الكيلومترات الأخيرة وهم يرفعون الأعلام واللَّافتات المؤيدة لفلسطين. وأوضحت إدارة السباق أن القرار جاء نتيجة "حوادث" عند خط الوصول حيث حاول بعض المحتجِّين اجتياز الحواجز الأمنية والدخول إلى الطريق، قبل أن تتدخَّل الشرطة الباسكية لاحتواء الموقف.
وفي مراحل سابقة من "طواف إسبانيا"، شهدت الطرق تجمُّعات ورفعًا متكرّرًا للأعلام الفلسطينية، إلى جانب احتجاجات مباشرة ضد الفريق الإسرائيلي، كان أبرزها خلال سباق ضد الساعة للفرق، حيث كانت إمكانية إيصال الرسالة الاحتجاجية أكثر وضوحًا. كما شهد كل من "طواف إيطاليا" و "طواف فرنسا" سابقًا احتجاجات مماثلة دعما لفلسطين واعتراضًا على مشاركة الفريق نفسه.
وأظهرت هذه المظاهرات – بما في ذلك رفع آلاف الأعلام الفلسطينية على امتداد مسار السباق المفتوح لعامة الناس – فعاليتها في جذب الانتباه. وأكد المؤرخ الرياضي «نيكولا زْبيتِّي» عبر منصة "إكس" أن هذه الاحتجاجات أحدثت "مفارقة صارخة" أضرَّت بأهداف فريق Israel-Premier Tech، الذي لم يتمكَّن من تحسين صورة إسرائيل كما كان يطمح.
🧵Le proteste filo-palestinesi e anti "Israel-Premier Tech" alla #Vuelta che oggi a #Bilbao hanno costretto gli organizzatori a cancellare l'arrivo e a prendere il tempo a tre km dall'arrivo impongono alcune riflessioni a caldo... pic.twitter.com/WoN3sn2SFK
— Nicola Sbetti (@NicolaSbetti) September 3, 2025
وبعد دقائق من انتهاء المرحلة، صرّح «غارسيا» بأن المنظِّمين لا يستطيعون إجبار الفريق على الانسحاب، لكنَّه شدَّد على أن "وجوده يُعقِّد مسألة أمن الجميع".
🗣️Kiko García, director técnico de #LaVuelta25 tiene clara cuál puede ser la solución para evitar suspensiones como la de hoy en Bilbao #VueltaRTVE3s
— Teledeporte (@teledeporte) September 3, 2025
"Para mí solo hay una y es que el propio equipo Israel se diese cuenta de que estando aquí no facilita la seguridad de los demás" pic.twitter.com/t4icHBRehe
وفي بيان صدر مساء الأربعاء، شدَّدت إدارة "طواف إسبانيا" على أنَّ "السلامة هي أولوية قصوى"، وأدانت "بشدة" الاحتجاجات، لكنها أكدت في الوقت نفسه "احترامها والدفاع عن الحق في التظاهر السلمي في إطار الحدث"، من دون أي إشارة مباشرة للفريق الإسرائيلي.
أمَّا "الاتحاد الدولي للدرّاجات" (UCI) فقد أدان "الأعمال التي أدت إلى تحييد المرحلة"، مشدِّدًا – في استناد إلى مبادئ الحركة الأولمبية – على "الأهمية الجوهرية للحياد السياسي للمنظمات الرياضية"، مضيفًا عبارات فُسِّرت على أنَّها دعم ضمني لفريق Israel-Premier Tech.

    
    
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق