ووفقًا لواضعي الوثيقة، تسعى الخطّة إلى تعزيز السيادة والجاهزية العسكرية للاتحاد الأوروبي في ظلّ سياق جيوسياسي معقَّد تُشكِّله الحرب الروسية على أوكرانيا.
وتُحدِّد الاستراتيجية أهدافًا ملموسةً ومراحلَا زمنيةً دقيقةً للوصول إلى جاهزية قتالية كاملة بحلول نهاية العقد الجاري. كما تُمهِّد الطريق لتعبئة مالية ضخمة قد تصل، بحسب ما ورد في الوثيقة، إلى 800 مليار يورو من الإنفاق الإضافي الدفاعي بحلول عام 2030.
خطة "الحفاظ على السلام: تسعة مجالات استراتيجية وأربعة مشاريع عاجلة
كما حدَّدت المفوِّضية أربعة مشاريع رئيسية ذات أولوية قصوى يجب تنفيذها على وجه السُّرعة، أبرزها "مرصد الجبهة الشرقية" و**"جدار الطائرات المُسيَّرة" الأوروبي**، اللَّذان اعتُبرا الأكثر إلحاحًا في المرحلة الحالية.
في هذا الصدد، قالت الإستونية «كايا كالاس» (Kaja Kallas)، نائبة رئيس المفوِّضية والممثِّلة العليا للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية: “امتلاك أنظمة دفاع مضادة للطائرات المسيّرة لم يعد خيارًا ترفيًا لأحد. نحن نقترح اليوم منظومة أوروبية جديدة مضادَّة للمُسيّرات ستكون جاهزة للعمل بالكامل بحلول نهاية عام 2027.”
Danger will not disappear even when the war in Ukraine ends.
— Kaja Kallas (@kajakallas) October 16, 2025
We need to toughen our defences against Russia.
The Defence Readiness Roadmap outlines our plan to fill capability gaps with clear goals and timelines.
My press remarks with @HennaVirkkunen and @KubiliusA ↓ pic.twitter.com/DCTtmbPr2C
وتستكمل الخطّة بمشروعين إضافيين:
-
"الدِّرع الجوّي" لتوفير حماية متكاملة ضدَّ الصواريخ والتهديدات الجوية،
-
و**"الدِّرع الفضائي الدفاعي"** المصمَّم لضمان صمود البنى التحتية الفضائية الحيوية للاتحاد.
بدوره، قال «أندريوس كوبيليوس»، المفوَّض الأوروبي لشؤون الدفاع، في تصريح له: “من الآن وحتَّى عام 2035، سيستثمر الأوروبيون نحو 6.8 تريليونات يورو، منها **%50، أي ما يعادل 3.4 تريليونات يورو، في القطاع الدفاعي المباشر.”
خارطة الطريق تحدد أهدافا صارمة للمشتريات الدفاعية: 40% عبر مناقصات جماعية بحلول 2027
تضع خارطة الطريق الدفاعية الأوروبية معاييرًا دقيقةً وجدولًا صارمًا لعمليات الشراء والتوريد العسكري، إذ سيتعيَّن على الدول الأعضاء تنظيم ما لا يقل عن %40 من مشترياتها الدفاعية في شكل مناقصات جماعية بحلول نهاية عام 2027، أي ما يعادل ضعف النسبة الحالية.
وبحلول عام 2030، من المفترَض أن يأتي ما يقرب من %60 من ميزانية المشتريات الدفاعية من القاعدة التكنولوجية والصناعية للدفاع الأوروبي ومن أوكرانيا، في إطار توجُّه يرمي إلى تعزيز التكامل الصناعي والدفاعي داخل القارَّة.
وأكد المفوض الأوروبي للدفاع أندريوس كوبيليوس قائلاً: “اليوم هو يوم العمل الفعلي. خارطة الطريق التي نعلنها اليوم تضع الأسس لخطط واضحة وجداول زمنية ونتائج قابلة للقياس ومؤشرات محددة.”
وأضاف: “إنه بمثابة انفجار كوني في عالم الدفاع الأوروبي، يعتمد أساسًا على الإنفاق الوطني للدول الأعضاء، الذي سيكون أكبر بمئة مرة من ميزانية الاتحاد الأوروبي الدفاعية الحالية.”
جدول تنفيذي صارم لخطة الجاهزية الدفاعية: انطلاق المشاريع بحلول منتصف 2026
يتميَّز الجدول الزمني لتنفيذ خارطة طريق الجاهزية الدفاعية 2030 بطابعه الصارم والدقيق. فبحلول النصف الأول من عام 2026، يتعيَّن أن تكون جميع المشاريع ذات الأولوية قد بدأت فعلًا، مع تشكيل تحالفات من الدول القائدة لكل مشروع.
ووفقًا للخطَّة، يجب أن تدخل القدرات التشغيلية الأولية لـ"جدار الطائرات المسيّرة" حَيِّز التنفيذ بحلول عام 2027، في حين يُتوقّع أن يبدأ "مرصد الجبهة الشرقية" عمله الكامل في العام التالي، 2028.
كما من المقرَّر أن تُصرَف أولى دفعات التمويل المسبق في إطار آلية "SAFE" (الإجراء الأمني من أجل أوروبا) بحلول مارس 2026. وتُعد هذه الآلية بمثابة نظام تمويل عبر القروض المضمونة من ميزانية الاتحاد الأوروبي، بقيمة قد تصل إلى 150 مليار يورو.
وتتضمَّن الخطَّة كذلك إنشاء منطقة أوروبية مشتركة للتنقل العسكري بحلول نهاية عام 2027، تعتمد على إجراءات موحَّدة وشبكة من الممرات اللوجستية تتيح حركة القوات والمعدَّات العسكرية داخل القارَّة من دون عوائق. وقد تعهَّدت المفوّضية الأوروبية بتقديم حزمة تشريعية متكاملة قبل نهاية العام الجاري لتحديد هذه الممرّات بحلول الربع الأول من عام 2026.
وتُسند الخطة دورًا محوريًا لأوكرانيا ضمن الإطار الدفاعي الأوروبي الجديد، إذ من المقرَّر إطلاق تحالف أوروبي–أوكراني خاص بتكنولوجيا الطائرات المسيّرة بحلول مارس 2026، على أن تُستكمل بحلول ديسمبر عملية تسليم مليوني قذيفة مدفعية تعهَّد بها الاتحاد الأوروبي في إطار ما يُعرَف بـ«خطة كالاس».
الخطة الأوروبية للدفاع وسط انقسامات داخلية
من المقرَّر أن تُعرض خطة “خارطة طريق الجاهزية الدفاعية 2030” على قادة الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل خلال اجتماع المجلس الأوروبي لإجراء مناقشة رسمية حولها.
وكان الاجتماع غير الرسمي في «كوبنهاغن» مطلع أكتوبر، الذي خُصص لتعزيز وحدة الموقف الأوروبي بشأن الحرب في أوكرانيا، قد كشف عن خلافات عميقة بين الدول السبع والعشرين.
فعلى الرغم من تجديد القادة دعمهم لكييف، برزت تباينات واضحة حول مشروع “الجدار المضاد للطائرات المسيّرة” على الحدود الشرقية للاتحاد، إذ أبدت بولندا ودول البلطيق تأييدها لإنشاء نظام دفاعي منسّق ومموّل من ميزانية الاتحاد الأوروبي، في حين أبدت دول أخرى تحفُّظًا بسبب الكلفة العالية والمخاوف من عسكرة دائمة للحدود الأوروبية.
وزاد من حدَّة النقاش التحذير الذي أطلقه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) «مارك روتّه»، الذي قال: “نحن جميعاً في خطر؛ فالصواريخ الروسية المتطوِّرة يمكنها ضرب روما أو أمستردام أو لندن بسرعة تفوق سرعة الصوت بخمس مرات.”
أما فيما يتعلق بانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، فقد اتخذت بودابست موقفاً متشدداً، حيث جدّد رئيس الوزراء المجري «فيكتور أوربان» رفضه القاطع، مقترحا اتفاقا استراتيجيا بديلا بدلا من العضوية الكاملة. كما أعلن عن إطلاق عريضة من حزبه ضد ما وصفه بـ"خطط الحرب الأوروبية".
وفي المقابل، ردّ الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» من موسكو على تلك المواقف، نافياً وجود أي نوايا عدوانية لدى بلاده، وواصفاً التحذيرات الغربية بأنها "دعاية موجّهة للرأي العام في الغرب".

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق