وبحسب رواية وكالة الانباء الإيطالية «أنسا»، نور الدين، البالغ من العمر واحدًا وثلاثين عامًا، من أصل مغربي، ومقيم في «أورميل» منذ عام 2002 مع زوجته وطفله، استجاب لنداء «ساندرو اغريساني» (Sandro Gressani)، موظف بنك كاورلي الذي ساعده في منع حريق ذلك اليوم في «شارع ماجوري» الساعة 7:30 صباحًا يوم 29 أكتوبر: عند قام «نور الدين» بفتح فتحة السقف للحافلة فأخرج الطلاب واحدًا تلو الآخر، مانعًا بذلك تحول الكارثة إلى مأساة كبرى.
ومن المنتظر أن يُمنح «فورتلي» و«غريساني» وسام تقدير رسمي في الأسابيع المقبلة تكريمًا لشجاعتهما وموقفهما الإنساني النبيل.
وبحسب صحيفة «إل_غاتّزيتينو»، قال «نور الدّين فورتلي» في تعليق على تدخله البطولي: “سأتذكر تلك اللحظات طوال حياتي. لو لم يكن معي مطفأة الحريق، لاحترقت الحافلة والطلاب ما زالوا بداخلها.”
وأضاف: “كما في كل صباح، أخذت الشاحنة الخاصة بالشركة من مستودع تونيلّو سيرفيتسي، وهي الشركة التي أعمل فيها بمدينة أودرزو. حمّلتها بالمعدات اللازمة لموقع العمل، وانطلقت متجهًا نحو بلدة كارانو دي سان ماركو. بعد بضعة كيلومترات، وفي منطقة بيافون، صادفت الحادثة. كانت قد وقعت للتو. توقفت بجانب الحافلة، شغّلت أضواء الطوارئ، ونزلت من المركبة. كان رفقتي سائق أخر (في إشارة إلى ساندرو غريساني)، إضافة إلى شابين أخرين.”
"اتّبعنا حدسنا. في البداية، رأينا حريقًا صغيرًا تحت الحافلة، لكننا خشينا أن يكون الديزل قد تسرب من خزان وقود الحافلة وملأ الحفرة. ظننا أنهم سيموتون جميعًا إذا وصلت النيران إلى الوقود. في لحظة ما، بدأ السائق الذي كان معي يقول: "نحتاج إلى مطفأة حريق فورًا". ولحسن حظي، فأنا غالبًا ما أعمل مع أنظمة الغاز، كانت لديّ واحدة في الشاحنة. أمسكتُ بها وناولته إياها؛ فأفرغها بالكامل وأطفأ النيران."
وتابع موضحا ملابسات الحادثة، فقال: “تصرَّفنا بدافع الغريزة. أوَّل ما لاحظناه هو اندلاع حريق صغير أسفل الحافلة، لكنَّنا خشينا أن يكون الوقود قد تسرَّب من خزان الحافلة وبدأ يملأ الخندق المجاور. فكّرنا جميعًا أنَّ الجميع سيموت إذا وصلت النيران إلى الوقود. في تلك اللحظة، بدأ السائق الذي كان معي يقول: "نحتاج إلى مطفأة حريق فورًا!"، ولحسن الحظ كنتُ أملكُ واحدة في الشاحنة، لأنَّني أتعامل كثيرًا في عملي مع أنظمة الغاز. أحضرتها وسلَّمتها له، فقام بتفريغها بالكامل حتَّى أخمد النار تمامًا.”
أما عن حالة التلاميذ داخل الحافلة أثناء إنقلابها واشتعال النار تحتها، فقال: “خرج فقط بعضهم من خلال الزجاج الخلفي ومن فتحة السقف، لكن كان لا يزال عدد كبير داخل الحافلة. كانوا خائفين، في حالة هلع، يبكون ويستغيثون. وعندما رأيت صورهم في المدرسة بعد أيام، تعرفت على وجوه بعضهم. كنا نُخرجهم واحدًا تلو الآخر، نساعدهم على النزول من الحافلة. ولتفادي إصابتهم بشظايا الزجاج المتناثرة بعد تحطم النوافذ، وضعنا ستراتنا على الحواف لحمايتهم أثناء خروجهم. ولأكون صادقًا، في اليوم التالي كانت ذراعاي تؤلماني من كثرة من حملتهم لإخراجهم من الداخل. بل إنني انزلقت في الطين في لحظة ما، لكني لم أشعر بشيء حينها، كنت مندمجًا تمامًا في إنقاذهم.”

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق