الإيطالية نيوز، الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 – أقدم رجلٌ في التاسعة والخمسين من عمره على طعن امرأة في وضح النهار، وسط أحد أكثر الميادين حيوية في مدينة «ميلانو»، من دون أن تكون هناك أي معرفة سابقة بينهما.
المتهم، «فينشينتسو لانّي» (Vincenzo Lanni)، وهو من مواليد إقليم «كامبانيا» ويقيم منذ سنوات في «لومبارديا»، اعترف أمام المحقِّقين بتنفيذه الهجوم الذي وقع صباح الاثنين في ساحة «غايْ أَوْلينْتي»، إحدى أبرز الساحات التجارية في المدينة.
الضحية هي «آنّا لورا فالْسِكّي» (Anna Laura Valsecchi)، البالغة من العمر 43 عامًا وتعمل في شركة «فينلومباردا»، وقد أُصيبت بطعنة في الظهر أثناء توجُّهها إلى عملها. وأفادت السُّلطات بأنَّ الجاني أُلقي القبض عليه بعد ساعات قليلة من الحادثة، بفضل تسجيلات كاميرات المراقبة المنتشرة في المنطقة.
وقال «لانّي» خلال التحقيق إنه اختار ضحيته "عشوائيًا" بهدف مهاجمة "رمز من رموز السُّلطة الاقتصادية"، مؤكِّدًا على أنَّه لا تربطه بها أي علاقة شخصية.
جرى نقل «فالْسِكِّي» على وجه السرعة إلى مستشفى «نيغوَاردا»، حيث خضعت لعملية جراحية عاجلة. وذكر الأطباء أنَّ حالتها "خطيرة لكنَّها مستقرة"، وأنَّها "خارج دائرة الخطر".
اعتراف مفصل أمام النيابة
خلال جلسة استجواب مطوَّلة أمام النائبة العامة «ماريا كريستينا ريا»، قدَّم «لاني» رواية دقيقة لكل مراحل الهجوم، مؤكِّداً على أنَّه تَصرَّف بدافع "الغضب والسخط على النظام الاقتصادي" الذي يشعر أنه استبعده على مدى سنوات.
وأوضح الجاني أنه فقد عمله قبل نحو عشر سنوات في شركة متخصِّصة في البرمجة المعلوماتية، وهو حدث ترك أثرًا بالغًا في حياته الشخصية والمهنية. وقال للمحققين: "منذ ذلك الحين، أشعر بأنَّني منبوذ من سوق العمل ومنسيّ من المجتمع."
وتتحقق النيابة حاليًا من مدى صحَّة أقواله وطبيعة التخطيط المسبق للهجوم، إن وُجد.
اعتداء بلا دافع شخصي
أشارت التحقيقات الأولية التي أجراها فريق التحقيق التابع للدرك (الكارابينييري) إلى أن الهجوم لم يكن مدفوعًا بأيِّ حقد شخصي أو معرفة سابقة.
وأوضحت المصادر أنَّ وجود الضحية في المكان كان "محض صدفة"، إذ تعمل في أحد مكاتب «برج يونيكريديت» المجاور، حيث يقع مقر عملها.
وأضافت التحقيقات أن «لانّي» لم يكن لديه أي مخطَّط محدَّد سوى تنفيذ الاعتداء في منطقة رمزية من «ميلانو» تُمثِّل الحداثة الاقتصادية للمدينة.
وقد عُثر على سترته التي كان يرتديها »أثناء الجريمة بالقرب من متجر إيسّيلونْغا» في شارع «فاماغوستا»، كما جرى تتبُّع تحرُّكاته قبل القبض عليه إثر بلاغات من مواطنين لاحظوا وجوده في جنوب المدينة.
سجل جنائي وسوابق عنف
تكشف السجلَّات القضائية أن «لانّي» كان قد أُدين عام 2016 بالسِّجن ثماني سنوات على خلفية حادثي عنف مماثلين، أعقبتهما ثلاث سنوات قضاها في مؤسسة للأمراض النفسية القضائية. وبعد انتهاء محكوميته، خضع لبرنامج لإعادة التأهيل داخل مركز اجتماعي، لكنَّه طُرِد منه مؤخَّرًا بسبب "سوء السلوك".
وأكَّدت السُّلطات على أنَّ الجاني كان وقت تنفيذ الهجوم حرًّا طليقًا، من دون أي قيود أو التزامات قانونية.
ويعمل المحقِّقون حاليًا على مراجعة الإجراءات التي سمحت بإطلاق سراحه، للتحقُّق من مدى الالتزام بالتدابير المفروضة على الأشخاص ذوي السوابق النفسية والسلوكية، في قضية تعيد فتح النقاش حول كفاءة برامج إعادة الإدماج وآليات مراقبة المرضى النفسيين السابقين.
جريمة في قلب العاصمة الاقتصادية
وقع الاعتداء قرابة التاسعة صباحًا في أكثر مناطق المدينة ازدحاما. وتمثل ساحة «غاي أولينتي» مركزا للأنشطة التجارية ومعلماً من معالم النهضة العمرانية الحديثة في «ميلانو». وبحسب التحقيقات، اقترب الجاني من خلف الضحية وسدَّد لها طعنة واحدة قبل أن يُسقط السكِّين ويلوذ بالفرار وسط المارة.
ونقلت صحيفة «كوريري ديلَّا سيرا» عن «فالسِكّي» قولها لزوجها فور وصوله إلى المكان: "إنَّه مجنون." وقال الزوج، الذي لا يزال تحت وقع الصدمة، إن امرأة كانت قد ساعدت زوجته اتَّصلت به مستخدمة هاتفها. وأضاف: "عندما وصلت، كانت لا تزال واعية والسكين مغروس في ظهرها. جرى تخديرها ونقلها مباشرة بسيارة الإسعاف."
تحقيقات طبية وقضائية مستمرة
تتابع نيابة «ميلانو» التحقيقات بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، وأمرت بإجراء فحوص طبية ونفسية للمتهم لتحديد حالته العقلية لحظة تنفيذ الجريمة.
كما يجري الخبراء مراجعة ظروف خروجه من مركز إعادة التأهيل لمعرفة ما إذا كانت هناك إشارات خطر لم تؤخَذ على محمل الجد.
وقد صادرت الشرطة السكين المستخدم في الاعتداء لإخضاعه للفحوص الفنية، وتفحص حاليًا أي اتِّصالات رقمية أو رسائل قد توضِّح الدوافع النفسية وراء الفعل.
ومن المقرَّر أن تُقرِّر النيابة قريبًا ما إذا كانت ستطلب حبسه احتياطيًا في السِّجن أو في منشأة طبية آمنة، في انتظار نتائج التقييمات النفسية. وتؤكِّد السلطات أنَّ التحقيقات لا تزال جارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق