ولكي يصبح هذا الطلب نافذًا، يتعيَّن أن يُوقِّع عليه ما لا يقلّ عن خُمس أعضاء مجلس النواب على الأقل لإحدى المقترحين، ليُصار بعد ذلك إلى إيداع الطلب رسميًا لدى محكمة النقض (Corte di Cassazione).
يتضمَّن الإصلاح الدستوري الجديد للنظام القضائي – بين أبرز بنوده – فصل المسارات المهنية للقضاة وأعضاء النيابة العامَّة، وهو إجراء أثار انقسامًا سياسيًا واسعًا في البلاد. ويعكس هذا الانقسام بوضوح واقع أنَّ التيارين، اليميني واليساري، قدَّما معًا طلبا لإجراء الاستفتاء.
وفي حال عدم حصول القانون على أغلبية الثلثين في أي من المجلسين، يمكن طلب استفتاء تأكيدي، ولا يدخل القانون حيِّز التنفيذ إلَّا بعد موافقة الشعب عليه من خلال هذا الاستفتاء.
إلى جانب إمكانية طلب الاستفتاء التأكيدي من خُمس أعضاء مجلس النواب – كما في هذه الحالة – يمكن أيضًا الدعوة إليه من قِبل 500 ألف ناخب أو خمسة مجالس إقليمية. وكانت الأغلبية والمعارضة قد أعلنتا مسبقًا نيّتهما تقديم طلب لإجراء الاستفتاء، وهو ما تَحقَّق فعلًا لاحقًا. ومن المرجَّح أن يُنظَّم الاستفتاء بين منتصف أبريل وبداية يونيو 2026.
الشقّ الأكثر إثارة للجدل في إصلاح النظام القضائي هو، كما ذُكر، فصل المسارات المهنية بين القضاة وأعضاء النيابة العامة؛ أي بين القضاة المكلَّفين بالتحقيقات وأولئك المكلّفين بإصدار الأحكام.
يمثِّل فصل المسارات المهنية للقضاة وأعضاء النيابة العامة تحوُّلًا جوهريًا في بنية السلطة القضائية الإيطالية، وهو موضوع يُثار الجدل حوله منذ عقود.
وتعبيرًا عن حساسية القضية وأهميتها السياسية والمؤسَّسية، شهدت جلسة التصويت الأخيرة في مجلس النواب حول هذا الإصلاح، التي جرت في يوليو الماضي، نقاشًا محتدّا وصدامات كلامية حادَّة بين نواب الأغلبية والمعارضة: تؤيد أحزاب اليمين الإيطالي إصلاح النظام القضائي، معتبرةً أنه سيسمح للقضاة باكتساب اختصاصات أكثر تحديدًا واستقلالية، من دون أن يتأثَّروا بتجاربهم السابقة كأعضاء في النيابة العامة أو بعلاقاتهم ضمن الأوساط القضائية نفسها.
ويحظى هذا الإصلاح بدعم خاص من حزب “فورتسا إيطاليا”، إذ يُنظَر إليه على أنَّه تحقيق لأحد الأهداف التاريخية للزعيم الراحل «سيلفيو برلوسكوني». كما صوّت حزب “أتسيوني” بزعامة «كارلو كاليندا» لصالح الإصلاح، بينما امتنع حزب “إيطاليا فيفا” بزعامة «ماتّيو رينسي» عن التصويت.
في المقابل، ترى أحزاب المعارضة المنتمية إلى يسار الوسط أن الإصلاح يهدف إلى تفكيك السلطة القضائية وإضعافها. وأعلن الحزب الديمقراطي رسميًا معارضته للمشروع، رغم وجود بعض الشخصيات داخله كانت قد طرحت في السابق فكرة فصل المسارات القضائية، بينهم «ديبّورا سيراكاني»، المسؤولة عن ملف العدالة في أمانة الحزب الحالية برئاسة «إيلي شلاين».
كما رفض كلٌّ من «حركة خمس نجوم» و«تحالف اليسار والخضر» (AVS) الإصلاح، واصفين إياه في بيان رسمي بأنه يمثل «منعطفًا سلطويًا» في سياسات الحكومة الحالية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق