أستراليا تمنع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاما… الأولى عالميا - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

أستراليا تمنع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاما… الأولى عالميا

أستراليا تمنع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاما… الأولى عالميا

الإيطالية نيوز، الأربعاء 10 ديسمبر 2025 – أصبحت أستراليا أوَّل دولة في العالم تفرض بحكم القانون حظرًا على وصول القاصرين من دون سن السادسة عشرة إلى شبكات التواصل الاجتماعي. ويشمل القرار منصَّات «فيسبوك» و «إنستغرام» و «تيك توك» و «إكس» و «سناب شات» و «ثريدز» و «ريدِت»، إضافةً إلى «يوتيوب» و «تويتش»، اللَّتين كانتا مستثناتين في البداية، فضلًا عن منصة «كِك». في المقابل، استُبعدت المنصَّات المخصَّصة للمراسلة أو الألعاب، مثل «ديسكورد» و «مسنجر» و «بينتريست» و «روبلوكس» و «واتساب» ويو «تيوب كيدز».


وجاءت الخطوة بعد إقرار البرلمان الأسترالي التشريع بدفعٍ من رئيس الوزراء «أنتوني ألبانيزي» في 28 نوفمبر 2024، بهدف حماية الصحة النفسية للقاصرين. فقد راكمت الأبحاث العلمية خلال الأعوام الأخيرة دلائل متزايدة على ارتباط الاستخدام المبكِّر والمكثَّف لوسائل التواصل بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات النوم وضعف التركيز، إضافة إلى الإدمان على المحفّزات السَّريعة وأنماط المكافأة الفورية.


وينصُّ قانون الحدّ الأدنى لسنّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على منع من هم دون 16 عامًا من الوصول إلى المنصَّات الكبرى، مع تحميل الشركات نفسها مسؤولية التحقُّق من أعمار المستخدِمين. وتُمثِّل هذه الخطوة تحوُّلًا قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من تنظيم المنصَّات الرَّقمية على مستوى العالم. ولن يُطلب من الأهالي إثبات أعمار أبنائهم، بل ستتولَّى الشركات التقنية مهمة منع تسجيل القاصرين أو استخدامهم للخدمات. وتفرض التشريعات غرامات قد تصل إلى 50 مليون دولار أسترالي (نحو 28.5 مليون يورو) في حال مخالفة القواعد.


ويأتي هذا الإجراء وسط تنامٍ في القلق العام بشأن الصحَّة النفسية للشباب، ورغم تمتّعه بدعم شعبي واسع، إلا أنّه واجه انتقادات من شركات التكنولوجيا الكبرى وعدد من الأكاديميين ومنظَّمات المجتمع المدني، مثل منظمة العفو الدولية واللَّجنة الأسترالية لحقوق الإنسان، التي أعربت عن مخاوف من تأثيره على حقوق القاصرين وعلاقاتهم الاجتماعية. كما يُشكِّك جزء من الرأي العام في فعاليته، خشية أن يتم الالتفاف عليه بسهولة أو أن يُخلِّف آثارًا جانبية غير مقصودة. وتظلُّ أسئلة كثيرة معلَّقة، بينها أنَّ آليات التحقُّق من العمر قد تفتح الباب أمام أنظمة هوية رقمية متطفِّلة، وأنَّ الخط الفاصل بين الحماية والمراقبة لا يزال هشًّا، فضلاً عن الشكوك حول قدرة قانون وطني على ضبط شركات عابرة للحدود اعتادت الالتفاف على القواعد.


ويظلُّ جوهر القضية مرتبطا بتأثير منصات التواصل على النمو المعرفي والعاطفي للأطفال والمراهقين. فقد رسَّخت الأدبيات العلمية الدولية في السنوات الأخيرة صورة أكثر تشكيكًا في أثر هذه المنصَّات على الصحة النفسية للمراهقين، في مرحلة يكون فيها الدماغ في طور النمو. وأظهرت دراسات منشورة في «شبكة جاما» (شبكة دوريات الجمعية الطبية الأمريكية) أنَّ فترات قصيرة من التوقُّف عن استخدام وسائل التواصل قد تؤدِّي إلى انخفاض واضح في مستويات القلق والأعراض الاكتئابية، ما يشير إلى علاقة مباشرة بين المنصات الرقمية والاضطرابات النفسية. كما كشفت أبحاث منشورة في «ناتشر» (طبيعة) و «دي لانسيت»، استنادًا إلى بيانات طويلة الأمد في بريطانيا والولايات المتحدة، أن الاستخدام المكثَّف والمبكِّر يرتبط بتراجع مستويات الرضا عن الحياة واضطرابات النوم وصعوبات التركيز وتراجع تقدير الذَّات على المدى البعيد.


وتتَّضح خطورة التأثيرات بشكل خاص لدى المراهِقات، الأكثر عُرضةً للضرر الناتج عن المقارنات الاجتماعية والنماذج الجسدية المثالية المنتشرة على المنصَّات. وتشير تحليلات تراكمية حديثة إلى وجود علاقة بين الاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل وارتفاع معدَّلات القلق والاكتئاب والسلوكيات المؤذية للذَّات، وإن كانت المخاطر تزداد تحديدًا في حالات الاستخدام السلبي والقَهري وغير الخاضع لإشراف البالغين. ولهذه الأسباب، بدأت جمعيات طب الأطفال الدولية في مراجعة إرشاداتها، ودعت إلى تأخير استخدام الهواتف الذكية والوصول إلى وسائل التواصل قدر الإمكان. وتزداد القناعة بأنَّ الطفل في الثالثة عشرة من عمره لا يستطيع التعامل من دون ضرر مع تدفُّق دائم من المحتوى الخاضع للخوارزميات والإشعارات والمقارنات الاجتماعية. فوسائل التواصل ليست فضاءات محايدة، بل بيئات مصمَّمة لجذب الانتباه وتعزيز الإدمان وجمع البيانات.


وفي هذا السياق، تبدو الخطوة الأسترالية أقلَّ راديكالية مما يُصوَّر، وقد تُمهِّد لاتجاهات تنظيمية جديدة في دول أخرى. فحظر وسائل التواصل على القاصرين لا يعني رفض العالم الرقمي، بل كسر فكرة راسخة في التصوُّر الغربي تعتبر التكنولوجيا قوة محايدة وحتمية وتطورًا لا يمكن مقاومته. ويبقى السؤال ما إذا كان هذا التوجُّه السياسي سيصمد أمام ضغوط شركات التكنولوجيا الكبرى، وما إذا كان النموذج الأسترالي سيسجّل سابقة تلهم دولًا أخرى لاحقًا.

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا