وأضاف التقرير أن كون إيطاليا لم تعد «المريض الوحيد في أوروبا» يشكل عزاءً ضئيلا، خصوصًا مع توقعات تفيد بأن "نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في دول مجموعة السبع ستتجاوز %137 بحلول عام 2030، عائدةً إلى مستوى عام 2020 الذي وصل تقريبًا إلى %140 بسبب جائحة كوفيد-19". غير أن هذه المرة، يشير التقرير، "لا توجد حالة طوارئ صحية".
ويؤكد التقرير أن الدين الضخم يمثل "تحولًا جوهريًا في طبيعة الدولة: من دولة ضريبية إلى دولة مدينة"، مما يمهد الطريق لـ"قرن المجتمعات بعد رفاهية الدولة". لكن غياب الرفاهية يعني أن "المجتمعات تصبح حاضنة للعدائية، وبدون سلام اجتماعي تتأرجح الديمقراطيات".
ويضيف التقرير أن الوضع الديموغرافي يلعب دورًا حاسمًا في صياغة المشهد الاجتماعي والاقتصادي، حيث إنه "يغير ملامح سوق العمل". ويكشف التقرير عن أن الرواية التفاؤلية حول زيادة فرص العمل ليست دقيقة، مشيرًا إلى أن الزيادة في عدد العاملين التي بلغت 833 ألفًا خلال عامي 2023 و2024، تعود في الغالب إلى الأشخاص الذين يبلغون 50 عامًا وما فوق، إذ وصل عددهم إلى 704 آلاف، أي ما يعادل %84.5 من إجمالي الوظائف الجديدة.
أما خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، فقد بلغ صافي الزيادة في العمالة 206 آلاف وظيفة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ويرجع ذلك بالكامل إلى العمال الأكبر سنًا، الذين زاد عددهم بمقدار 410 آلاف (%4.2+)، مقابل انخفاض قدره 96 ألفًا في فئة 35-49 سنة (%1.1-) و109 آلاف في الفئة الأقل من 35 عامًا (%2.0-). وفي صفوف الشباب، لوحظ ارتفاع ملحوظ في عدد غير النشطين، حيث بلغ 176 ألفًا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام (%3.0+).
«مركز دراسات الاستثمارات الاجتماعية» هو مؤسسة بحثية إيطالية رائدة متخصصة في الدراسات الاجتماعية والاقتصادية، وتحليل السياسات العامة، ونشر التقارير السنوية حول الاقتصاد والمجتمع الإيطالي.
وبحسب «مركز دراسات الاستثمارات الاجتماعية» نفسه، يشير التقرير إلى أن الدين الضخم يمهد الطريق لـ"قرن المجتمعات ما بعد الرفاهية". وفي إيطاليا، تنفق الدولة على فوائد الدين (85.6 مليار يورو) أكثر مما تنفق على الاستثمارات (78.3 مليار يورو)، متجاوزة عشر مرات الميزانيات المخصصة لحماية البيئة (7.8 مليار يورو).
ويحذر التقرير من أن الخريف الصناعي الطويل قد ينزلق نحو شتاء جليدي من إزالة التصنيع، فالتحصين عبر إعادة التسلح وحده لا يكفي. وفي الوقت ذاته، تصعد حرارة الطبقة الوسطى، رغم براعة الإيطاليين في التكيف والإبداع في مواجهة الصعاب.
وفي الختام، يقول : “لقد دخلنا عصرًا بريًّا، عصر الحديد والنار. اليوم، يحمل %30 من الإيطاليين قناعة غير مسبوقة: أن الأنظمة الاستبدادية أكثر ملاءمة لروح هذا الزمن. لكن وسط هذه الاضطرابات، يبقى الأمل حاضرًا: شعب يواجه "البرابرة على الأبواب" ولا يستسلم لمتاهة الانحدار في «فندق الهاوية الكبير»، ولا يرضخ لنبوءة النهاية، بل يختار اللذة والتمتع بالحياة.”
