الموازنة: الحكومة الإيطالية في حالة ارتباك لكنها تُبقي على بند ذهب «بنك إيطاليا» ودعم المدارس الخاصة - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

الموازنة: الحكومة الإيطالية في حالة ارتباك لكنها تُبقي على بند ذهب «بنك إيطاليا» ودعم المدارس الخاصة

الموازنة: الحكومة الإيطالية في حالة ارتباك لكنها تُبقي على بند ذهب «بنك إيطاليا» ودعم المدارس الخاصة

الإيطالية نيوز، السبت 20 ديسمبر 2025 – بعد ساعات من الفوضى البرلمانية، كادت خلالها الأغلبية الحاكمة أن تنزلق إلى أزمة بسبب الخلافات حول ملف التقاعد، أقرَّت لجنة الموازنة في «مجلس الشيوخ» بُنْدَين يُعدَّان من أبرز الرموز السياسية في مشروع الموازنة العامَّة: النَّص الذي يعلن أن ذهب «بنك إيطاليا» «ملك للشعب»، وإقرار مساهمة مالية جديدة لدعم العائلات التي تختار تسجيل أبنائها في المدارس الخاصَّة المعترَف بها رسميًا.


وفي الوقت الذي جرى فيه تفكيك التعديل الحكومي الشامل، واستبعاد الإجراءات الأكثر تشدُّدًا المتعلِّقة بالتقاعد، نجحت هاتان المادَّتان في شَقِّ طريقهما إلى مشروع الموازنة، إلى جانب تدابير أخرى تتعلَّق بالدفاع والضرائب والإيجارات قصيرة الأجل، في إشارة واضحة إلى الأولويات التي سعت الحكومة إلى حمايتها وسط دوَّامة مكثَّفة من المفاوضات.


غير أن مسار النقاشات البرلمانية كشف، في الواقع، عن تماسك أقل داخل صفوف الأغلبية ما تحاول إظهاره، مسلِّطًا الضَّوء على تصدعات سياسية كامنة خلف واجهة التوافق المعلَن.


ويسود التوتُّر أجواء لجنة الموازنة عقب شدّ وجذب سياسي أفضى إلى سحب الحُزمة الكاملة لإصلاحات التقاعد. وفي هذا السياق، اكتسب إقرار البُند المتعلِّق بذهب «بنك إيطاليا» دلالة سياسية ورمزية واضحة، واحتفى به مقرِّرو الأغلبية بنبرة عالية.


وينصُّ النَّص، الذي أعادت الحكومة صياغته، على أن «الاحتياطيات الذهبية التي يديرها ويحتفظ بها «بنك إيطاليا» تعود ملكيتها إلى الشعب الإيطالي»، مع إدراج إشارات صريحة إلى ضرورة احترام المعاهدات الأوروبية. ووصف السيناتور «كلاوديو بورغي» (حزب الرابطة) هذه الخطوة بأنَّها “لحظة بالغة الأهمية ومعركة خضتها على مدى 11 عامًا، فيما اعتبر السيناتور «غويدو ليريس» من حزب «إخوة إيطاليا» أنَّها “انتصار كبير لمعركة تاريخية قادتها جورجا ميلوني.


وبالتوازي مع ملف الذهب، جرى تأكيد اعتماد مساهمة مالية لدعم المدارس الخاصَّة المعترَف بها رسميًا. وتنصُّ هذه الإجراءات على تقديم دعم يصل إلى 1,500 يورو للعائلات التي لا يتجاوز دخلها وفق مؤشر «مؤشر الوضع الاقتصادي المكافئ» (ISEE) سقف 30 ألف يورو، شريطة أن يكون أبناؤها مسجَّلين في المدارس الإعدادية الخاصَّة أو في السنتين الأوَّليين من المرحلة الثانوية.


وسيُحتسَب الدَّعم وفقًا لشرائح تتناقص قيمتها مع ارتفاع الدَّخل، على أن يُحدَّد سقف الإنفاق الإجمالي لهذا الإجراء عند 20 مليون يورو لعام 2026. ومن المقرَّر أن تُحدَّد التفاصيل التنفيذية عبر مرسوم يصدر عن وزير التعليم.


وشمل الضَّوء الأخضر الذي منحته اللَّجنة إقرار حزمة واسعة من التعديلات الأخرى. وبين أبرزها تعديل لدعم الصناعة الدفاعية، يجيز للوزارات المختصَّة تحديد «الأنشطة والمناطق والأعمال والمشاريع والبنى التحتية ذات الصلة» بموجب مرسوم، بهدف «توسيع وتحويل وإدارة وتطوير القدرات الصناعية الدفاعية»، وبما يخدم إنتاج العتاد العسكري.


وعلى الصعيد الضريبي، تضمن الحزمة إجراءات متنوعة، بينها رفع معدَّلات ما يُعرف بــ «ضريبة توبين» على المعاملات المالية، حيث تصل الزيادة في بعض فئات العمليات، على سبيل المثال، من %0.2 إلى %0.4. كما ينصُّ النَّص على فرض ضريبة ثابتة بقيمة يورويْن على الطرود الصغيرة الواردة من خارج الاتحاد الأوروبي التي لا تتجاوز قيمتها 150 يورو، إلى جانب زيادة الأعباء المفروضة على البنوك بنحو 605 ملايين يورو خلال العامين المقبلين.


وفيما يتعلَّق بقطاع الإيجارات قصيرة الأجل، أُقرَّت مراجعة جديدة تنصُّ على الإبقاء على نظام «الضريبة الثابتة» (Cedolare secca) للإيجارات قصيرة المدى الخاصَّة بالعقارات الأولى المخصَّصة لهذا النشاط، في حين يُفترض اعتبار النشاط تجاريًا ابتداءً من العقار الثالث. وخلال بعض مراحل النقاش، جرى التطرق إلى تطبيق معدَّلات ضريبية مختلفة على الوحدات الإضافية، قد تصل، بصورة استرشادية، إلى نحو %26.


وبين الإجراءات التي جرى تقليصها أو استبعادها بالكامل، برزت التخفيضات التي كانت مقررة في خطة الإسكان لعام 2026، ومقترح الانضمام التلقائي إلى نظام التقاعد التكميلي للموظفين الجدد، إضافة إلى المساهمة المالية البالغة 1.3 مليار يورو التي كانت الحكومة قد طلبتها في البداية من شركات التأمين، قبل أن يتم التخلي عنها.


وفي المقابل، تَقرَّر تثبيت نظام الاستهلاك المعجّل (الهايبرأمورتامنتو) على مدى ثلاث سنوات، فيما أُعيدت هيكلة برنامج التحول 4.0/5.0 وربطت الاستفادة منه بالاستثمار في السِّلع المصنَّعة «صُنِع في إيطاليا». أما إعادة صياغة القواعد المتعلِّقة بالقطاع المصرفي، وقابلية خصم التكاليف، وتوزيعات الأرباح، فلا تزال تشكِّل ملفًا تقنيًا مفتوحًا قيد النقاش.


وعلى أي حال، يتَّضِح يومًا بعد يوم أن تماسك الأغلبية الحاكمة بات أكثر هشاشة وتفكُّكًا، في ظلِّ تباينات واضحة في المواقف، تبدو وكأنَّها تُمهِّد مبكِّرًا لأجواء الحملة الانتخابية المقبلة.


ويُعدّ ما أُقرَّ في اللَّجنة خلاصة مسار طويل اتَّسم بالتوتُّرات والاعتراضات. فقد طُرح البند المتعلِّق بذهب «بنك إيطاليا» في أواخر نوفمبر، قبل أن يواجه انتقادات من «البنك المركزي الأوروبي» مطلع ديسمبر، حين أصدرت المؤسسة الأوروبية رأيًا رسميًا دعت فيه روما إلى احترام المعاهدات الأوروبية وعدم المساس باستقلالية البنك المركزي. وعلى إثر ذلك، أُعيدت صياغة النَّص الحكومي لإدراج التحفظات والشروط التي طلبتها «المركزي الأوروبي».


وبالمِثل، أثار الدعم المخصَّص للمدارس الخاصة المعترَف بها رسميًا، والذي قُدّم على أنه إجراء لدعم الأسر «من الطبقة المتوسِّطة»، انتقادات واسعة من قوى المعارضة منذ اللَّحظة الأولى، إذ وصفته بأنه «هبة» لصالح المؤسَّسات التعليمية الخاصَّة، وأعادت طرح مسألة حماية وتعزيز منظومة التعليم العام.


وعلى الرغم من الاعتراضات التقنية والسياسية، فإنَّ إقرار هذين الإجراءين يعكس بوضوح رغبة السُّلطة التنفيذية في طيّ ملفيْن يُنظَر إليهما على أنَّهما معركتان رمزيتان في سياق النقاش العام حول الموازنة والسياسات الحكومية.

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا