عقوبات مشدَّدة وحوار خجول: الاتحاد الأوروبي بين الضغط على موسكو وتناقضاته الداخلية - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

عقوبات مشدَّدة وحوار خجول: الاتحاد الأوروبي بين الضغط على موسكو وتناقضاته الداخلية

عقوبات مشدَّدة وحوار خجول: الاتحاد الأوروبي بين الضغط على موسكو وتناقضاته الداخلية

الإيطالية نيوز، الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 – أعطى مجلس «الاتحاد الأوروبي» الضَّوء الأخضر لتمديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا لمدَّة ستة أشهر إضافية، بعد إقرار حزمة جديدة تشمل طيفًا واسعًا من القيود القطاعية. وهكذا ينتهي عام 2025 في «الاتحاد الأوروبي» كما بدأ: بهدف تكثيف الضغوط على «موسكو»، فيما يتجلَّى في الخلفية ما بات يُعرَف بـ«المفارقة الأوروبية»، القائمة على مسارين متوازيين؛ تشديد الإجراءات العقابية من جهة، والانفتاح الحذر – الذي يكاد يكون رمزيًا – على إمكانية إطلاق حوار دبلوماسي بين «موسكو» و «باريس» من جهة أخرى.


ويؤدِّي قرار مجلس «الاتحاد الأوروبي» إلى تمديد منظومة العقوبات المفروضة على روسيا الاتحادية حتّى 31 يوليو 2026، بانتظار حزمة إضافية من التدابير يُرتقَب الإعلان عنها بحلول 24 فبراير، ذكرى انطلاق «العملية الخاصة». ولا يزال نطاق العقوبات واسعًا ومستقرًّا في ملامحه الرئيسية، ويشمل حظر استيراد النفط الروسي المنقول بحرًا، واستبعاد عدد من المؤسَّسات المصرفية من نظام «سويفت»، وفرض قيود تكنولوجية ومالية، فضلًا عن تعليق تراخيص البث لعدد من الوسائل الإعلامية المصنفة على أنَّها قريبة من «الكرملين» والمتَّهمة بنشر «معلومات مضلِّلة».

وبحسب «المفوضية الأوروبية»، فإنَّ هذا النهج لن يشهد تغييرًا ما دامت الهجمات الروسية ضدَّ المدنيين مستمرَّة. وفي الوقت الذي تؤكِّد فيه «بروكسل» على تمسُّكها بـ«سلام عادل ودائم»، أوكِلت إلى الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» دور المستكشف الدبلوماسي في التواصل مع نظيره الروسي «فلاديمير بوتين»، الذي أعلن عن استعداده للحوار. وعلى الرغم من الإشارات الإيجابية المحدودة بين «باريس» و«موسكو»، شدَّد متحدِّثو «المفوضية»، خلال آخر إحاطة صحفية قبل عطلة نهاية العام، على موقف «بروكسل» قائلين: «نواصل التنسيق مع الدول الأعضاء بشأن أي اتصالات ثنائية محتملة، ونرحِّب بالجهود الرامية إلى تحقيق السلام».

ولا يزال الموقف المجري عاملًا مُقلِقًا لوحدة الصف داخل «الاتحاد الأوروبي». فقد وجَّه رئيس الوزراء «فيكتور أوربان» انتقادات حادَّة إلى «بروكسل»، معتبِرًا أن العقوبات ألحقت ضررًا بأوروبا أكثر ممَّا أضرَّت بروسيا، في ظلِّ ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع القدرة التنافسية الصناعية. وقال «أوربان» في مقطع ُفيديو نشره على منصة «إكس»: «وَعَدَت بروكسل بأنَّ العقوبات ستسحق روسيا، لكنَّها سحقت أوروبا. أسعار الطاقة انفجرت، والتنافسية انهارت، وأوروبا تفقد موقعها. هذا ثمن القرارات السيِّئة. ما نحتاجه هو التفاوض لا التصعيد».
وتعكس هذه الانتقادات استياءً متناميًا لدى شرائح واسعة من الرأي العام الأوروبي، لكنَّها لم تؤَدِّ إلى تغيير في توجُّهات «المفوضية». فمقرُّها في «قصر بيرلايمون» يواصل اعتبار الأداة الاقتصادية ركيزة أساسية للضغط الجيوسياسي، رغم التكاليف الاجتماعية والسياسية المتزايدة. كما تتغذَّى البرودة الأوروبية من فشل الاتصالات غير الرسمية الأخيرة وغياب أي مؤشِّرات ملموسة على وقف لإطلاق النار. وفي هذا السياق، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي «سيرغي ريابكوف»، يوم الاثنين، استعداد «موسكو» لتوقيع اتِّفاق ملزِم قانونيًا تتعهَّد فيه بعدم مهاجمة «الاتحاد الأوروبي» و «حلف شمال الأطلسي»، وذلك عقب طرح الرئيس الأوكراني «فولوديمير زيلينسكي» مقترح تخلِّي «كييف» عن الانضمام إلى «الناتو» مقابل ضمانات أمنية «مماثلة للمادَّة الخامسة» من معاهدة الحلف.

وبالتوازي مع ذلك، عزَّز «الاتحاد الأوروبي»، الأسبوع الماضي، جبهة ما يُعرَف بـ«الحرب الهجينة»، عبر إقرار حزمة جديدة من العقوبات استهدفت 48 فردًا و35 كيانًا، بتهم تتعلَّق بالتدخلات السياسية والأنشطة المزعزعة للاستقرار. وشملت العقوبات محلِّلين ومعلقين وهياكل مرتبطة بالمنظومة الإعلامية لِـ «الكرملين». وبين أبرز الأسماء المدرجة، «جون مارك دوغان»، نائب شريف أميركي سابق يحمل جنسية مزدوجة، اتُّهم بتنفيذ عمليات رقمية موالية لِـ «موسكو» وبالارتباط بِـ «جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية» (GRU).

كما طالت العقوبات خمسة أعضاء من ُّ«نادي فالداي»، وهو منتدى دولي يضم خبراء وأكاديميين ومُحلِّلي سياسة خارجية، تأسس عام 2004 ويُعقد سنويًا في «سوتشي»، ويُنظر إليه باعتباره أداة من أدوات «القوة الناعمة» ل«لكرملين». وبموازاة ذلك، جرى التعامل مع «التضليل الإعلامي» باعتباره تهديدًا يعادل التهديد العسكري، في إشارة إلى خيار سياسي واضح: فبالنسبة لِـ «بروكسل»، تُخاض المواجهة مع روسيا أساسًا على الجبهتين الاقتصادية والسردية. وفيما يتَّهم الغرب «موسكو» بزعزعة الاستقرار، فإنَّه يسهم في الوقت ذاته في تكريس مناخ من القلق الدائم، يُستخدم لتبرير إعادة التسلُّح، وزيادة الإنفاق العسكري، والتدرج نحو مزيد من العسكرة، على حساب النقاش العام وتضييق هامش الاختلاف.

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا