الإيطالية نيوز، السبت 27 ديسمبر 2025 – أعلنت النيابة الوطنية الإيطالية لمكافحة المافيا، بالتعاون مع نيابة جنوة، توقيف تسعة أشخاص بتهمة تمويل حركة «حماس» عبر التمويه على حملات جمع تبرعات باعتبارها مساعدات إنسانية.وبحسب الادعاء العام، قامت ثلاث جمعيات بجمع أكثر من سبعة ملايين يورو عقب هجمات السابع من أكتوبر 2023، جرى تحويلها عبر إيطاليا وتركيا إلى مجموعات مرتبطة بحركة «حماس». وبين الموقوفين «محمد حنون»، رئيس جمعية الفلسطينيين في إيطاليا، الذي تصفه التحقيقات بأنه «رأس الخلية الإيطالية لحماس».
وأفادت السلطات بأن التحقيقات، التي استندت إلى تحليلات مالية واعتراضات اتصالات وبالتعاون مع جهات دولية، كشفت عن شبكات منظمة تُعنى بالدعاية ونقل العائدات المالية إلى الخارج.
وشدد ممثلو الادعاء على أن هذه الاتهامات والإجراءات القضائية لا تقلل بأي حال من الأحوال من جسامة الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها السكان الفلسطينيون.
ليست هذه المرة الأولى التي يُتَّهم فيها «محمد حنون»، الذي أُلقي القبض عليه صباح السبت بناءً على طلب النيابة الوطنية الإيطالية لمكافحة المافيا، مع تهمة تمويل حركة «حماس». فخلال السنوات الماضية، كانت كلٌّ من الولايات المتحدة وإسرائيل قد أبلغتا مرارًا السلطات القضائية الإيطالية بمخاوف تتعلق بأنشطة «الجمعية الخيرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني» (Abspp)، التي أسسها «حنون» عام 1994، والمتهمة بتنظيم حملات لجمع التبرعات تحت غطاء العمل الإنساني. وقد دأب «حنون» على نفي هذه الاتهامات.
و«حنون» فلسطيني الأصل، ويحمل أيضًا الجنسية الأردنية. يبلغ من العمر 64 عامًا، ويقيم في إيطاليا منذ عام 1983، وتحديدًا في مدينة «جنوة». وهو حاصل على شهادة في الهندسة المعمارية، لكنه لم يزاول المهنة.
ووفقًا لما أوردته صحيفة «لا ريبوبليكا»، حاول في أواخر تسعينيات القرن الماضي، عندما كان رئيسًا للمركز الإسلامي في «جنوة»، إنشاء مسجد داخل ورشة ميكانيكية مهجورة، في مشروع كان من المقرر تمويله من السعودية، لكنه لم يُستكمل.
وفي تلك الفترة، بدأت نيابة جنوة الاشتباه بوجود صلات بين «حنون» وحركة «حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية المتشددة، والتي يصفها الغرب الداعم لإسرائيل بـ "المتشددة" و"الإرهابية". وعلى الرغم من حفظ التحقيقات آنذاك، ظلت أنشطة الجمعية الخيرية التي أسسها تحت رقابة مستمرة من النيابات العامة والهيئات الأوروبية المختصة بمكافحة غسل الأموال، بما في ذلك السلطات الإيطالية.
وخلال الفترة بين عامي 2021 و2023، أغلقت بنوك عدة، ينها «يونيكريديت» و«كريدي أغريكول»، إضافة إلى «بريد إيطاليا» ومنصة «باي بال»، الحسابات المصرفية للجمعية عقب تقارير صادرة عن الحكومة الإسرائيلية، التي كانت قد منعتها من العمل داخل إسرائيل منذ عام 2002. وللأسباب نفسها، علّقت شركات دفع دولية مثل «ماستركارد» و«فيزا» و«أمريكان إكسبريس» عمليات التحويل، ما أدى عمليًا إلى وقف التبرعات.
وفي السابع من أكتوبر 2024، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية «حنون» والجمعية الخيرية ضمن قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات، بدعوى تمويل الإرهاب. وبعد هجمات السابع من أكتوبر 2023، شارك «حنون» في عدد من التظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني، وألقى كلمات انتقد فيها القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.
وفي عام 2024، أصدرت شرطة ميلانو بحقه قرار «المنع من الدخول» إلى المدينة، على خلفية تصريحات أدلى بها خلال إحدى المظاهرات. كما صدر قرار مماثل في أكتوبر الماضي، أيضًا من شرطة «ميلانو»، وبالتهمة نفسها المتعلقة بالتحريض على العنف أثناء تجمع عام.
وكان «حنون» قد قال في تصريح لصحيفة «لا ريبوبليكا» عام 2024: “لم أمول «حماس» قط، لكنني أقول إن «حماس» تمثل حزبًا انتُخب ديمقراطيًا من الشعب الفلسطيني، مع إدانتي لأي عناصر منها ترتكب أعمالًا إرهابية.” وأوضح أن الأموال التي أُرسلت إلى فلسطين كانت مخصصة لمساعدة الأيتام والعائلات المحتاجة، مؤكدًا أن “كل شيء يتم بشفافية، من خلال تقديم كشوف تفصيلية بكل تبرع، وبالاعتماد على وسطاء موثوقين يعملون مع مؤسسات دينية، فضلًا عن أن البنوك الفلسطينية تخضع لرقابة مستمرة من إسرائيل.”
وبحسب ما كشفته صحيفة «إل فوليو» في عام 2023، أقام «حنون» خلال السنوات الأخيرة علاقات مع عدد من البرلمانيين المنتمين إلى حزب «اليسار الإيطالي» وحركة «خمس نجوم». ووثق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لقاءاته مع نواب من حركة «خمس نجوم» من بينهم «دافيدي تريبييدي» و «ماركو بيلا»، ومع «ماتيو أورفيني» من الحزب الديمقراطي، و «ستيفانو فاسينا» من «اليسار الإيطالي» في عام 2022، إضافة إلى «لاورا بولدريني»، الرئيسة السابقة لمجلس النواب ونائبة الحزب الديمقراطي.
وفي عام 2022، عقد حنون مؤتمرًا صحفيًا داخل مجلس النواب الإيطالي لتقديم تقرير بعنوان «القدس 2021: التهويد يشعل المواجهة»، في فعالية نظمها، من بين آخرين، زعيم «اليسار الإيطالي» «نيكولا فراتوياني». وفي عام 2023، سمحت النائبة عن حركة «خمس نجوم» «ستيفانيا أسكاري» ل«حنون» بعقد مؤتمر صحفي آخر داخل البرلمان لعرض تقرير صادر عن الجمعية الخيرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق