تطهير عرقي ممنهج في الظل: الضفة الغربية تواجه "نكبة صامتة" وسط صمت دولي مطبق - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الجمعة، 9 مايو 2025

تطهير عرقي ممنهج في الظل: الضفة الغربية تواجه "نكبة صامتة" وسط صمت دولي مطبق

 الإيطالية نيوز، الجمعة 9 مايو 2025 – بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استعداداته لإطلاق هجوم برِي واسع على قطاع غزة، تشهد الضفة الغربية المحتلة، في صمت لرئيس السلطة الفلسطينية، «محمود عباس»، كصمت الأموات، وصمت أخر شبه تام من المجتمع الدولي، حملة تطهير ممنهَج تصفها منظَّمات حقوقية ونشطاء فلسطينيون بـ"نكبة جديدة" تُنفَّذ ببطء، بعيدًا عن الأضواء.


منذ أكثر من ثلاثة أشهر، تخضع مخيَّمات اللاجئين في مدينة "طولكرم"، شمال الضفَّة، لحصار عسكري متواصل، تُرجِم إلى عمليات اقتحام واعتقالات جماعية وهدم منازل ونزوح جماعي. الناشط الحقوقي «أ. ك.» من سكان المدينة، يقول لـ "إنديبندنتي": “نحن في اليوم الـ103 من الاجتياح المستمر لمخيمات طولكرم”، مشيراً إلى إعلان الاحتلال، في الأول من مايو، عزمه هدم 106 منازل إضافية. ويضيف: حتَّى الآن، وقع تدمير نحو 400 منزل، وتشريد أكثر من 20 ألف شخص، فضلًا عن تضرُّر 2500 منزل أخر جزئياً.”


ويتابع: “قوات الاحتلال دمَّرت 58 منشأة في مخيَّم طولكرم و48 منزلاً في مخيم نور شمس المجاور. قالوا إن السكان سيتمكنون من العودة لجمع أغراضهم، لكن كثيرين لم يُسمح لهم حتَّى بذلك. الهدف واضح: تفكيك النسيج الاجتماعي والديمغرافي للمخيَّمات وتحويلها إلى مناطق أمنية خاضعة لرقابة عسكرية دائمة.”


وفي الجنوب، الوضع ليس أفضل. من "بيت لحم" إلى "الخليل" و"نابلس"، مرورًا بـ "مسافر يطا"، حيث وقع هدم قرية بدوية بالكامل قبل أيام، وتتواصل عمليات الهدم والتشريد، وفقاً لشهادات النشطاء المحليين.


في "مخيم طولكرم"، تعيش «ف.»، خمسينية من العمر، في خوف دائم. “وُلدتُ هنا، بعدما هُجِّرت عائلتي من قرية قرب "حيفا" عام 1948”، تقول عبر الهاتف. “منذ 7 أكتوبر، فَقدتُ سبعة من أقاربي. أنا أختبئُ في منزلي، لا أُضيءُ الأنوار ليلاً، لا نشغِّلُ التلفاز حتَّى في النهار. نخاف أن يسمعونا. في أي لحظة، قد يأتي جندي ويقول: هذه ليست بيتك. اخرجي!.”


العيش في الظلِّ وتحت القصف

“نحن كالمجرمين فقط لأنَّنا نريد البقاء في منازلنا”، تتابع «ف.» بصوت متهدِّج. “يطلقون النَّارَ علينا إذا حاولنا العودة إلى بيوتنا. يطلقون النَّار إذا مشينا في الشارع. أكثر من ثلاثة أشهر مرَّت ولم يتمكَّن النَّاس من العودة إلى منازلهم، وكثير منهم لم يعد لديهم منزل يعودون إليه أصلاً.” وتشير التَّقارير المحلِّية إلى مقتل 13 شخصًا على الأقل في المخيَّم، بينهم امرأتان وطفل، ووقوع مئات الاعتقالات والإصابات.


تقول: “أشعرُ بالخوف دائمًا. لا أمان في أي مكان. أخذوا كل شيء… الحياة، الأطفال، البيوت، السيَّارات. المخيَّمات تحوَّلت إلى قواعد عسكرية، يُعتقل فيها الناس ويُعذَّبون من دون أي تُهمة. يدّمرون البيوت ويبنون طريقًا مكانها. ولا أحد يوقِّفهم. نحن وحدنا.”


دعوات عاجلة... لا مجيب

أمام هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، أصدرت اللِّجان الشَّعبية والمؤسَّسات المجتمعية في مخيَّمَي طولكرم ونور شمس بيانًا مشتركًا ناشدوا فيه مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظَّمات الحقوقية الدولية التحرُّك العاجل للضَّغط على سلطات الاحتلال لوقف العدوان. إلَّا أن النداءَات، حتَّى الآن، لم تجد صدى يُذكر.


وفي مدينة "جنين"، التي تعتبر من أكثر المناطق تضرُرًا في الضفة، تواصل "عملية جدار الحديد" العسكرية الإسرائيلية حصد الأرواح والمنازل. فخلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، جرى تدمير أكثر من 600 منزل، وتشريد نحو 22 ألف شخص، واعتقال المئات، فضلاً عن عشرات القتلى.


الضفة الغربية: هل هي غزة أخرى في الأفق؟

رغم أنَّ أنظار العالم مُركَّزة على ما يجري في قطاع غزة من إبادة جماعية بأبشع الطرق – وعن حق – إلَّا أنَّ الاحتلال الصهيوني، كما يقول مراقبون، يمضي في تعزيز سياساته التوسعية في الضفة الغربية عبر فرض وقائع ميدانية جديدة، تبدأ بتدمير مخيَّمات اللاجئين في شمال الضفة، التي توصف اليوم بـ"غزة المصغرة".