ورغم أنَّ البابا الجديد، »روبرت فرانسيس بريفوست»، لم يوضِّح بعد أسباب اختياره لهذا الإسم، فإنَّ كثيرين رجَّحوا أنَّ مرجعه هو البابا «ليون الثالث عشر»، الذي تولَّى السُدَّة البطرسية في أواخر القرن التاسع عشر، رغم أنَّ شهرته اليوم محدودة نسبيًا.
استلهام من «ليون الثالث عشر»
أكَّد مدير دار الصحافة الفاتيكانية، «ماتيو بروني»، على أنَّ إسم البابا الجديد يشير بوضوح إلى البابا «ليون الثالث عشر»، وإسمه المدني «فينتشينسو جواكينو بيتشي»، الذي انتُخب عام 1878 وظلَّ على الكرسي الرسولي حتَّى وفاته عام 1903. ويُعتبر «ليون الثالث عشر» أوَّل بابا في التاريخ الحديث أولى اهتمامًا بالغًا لحقوق الطبقة العاملة، بالأخص عبر إصدار الرِّسالة العامَّة الشَّهيرة "Rerum novarum" عام 1891.
الرِّسالة العامَّة والتصدِّي للظُّلم الاجتماعي
جاءت الرِّسالة العامَّة في خضمِّ التحوُّلات الاقتصادية الكبرى التي أحدثتها الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. فبينما أدانت Rerum novarum الاشتراكية بشكل صريح، دعت الكنيسة الكاثوليكية إلى الاقتراب من الطبقة العاملة، مسلِّطةً الضَّوء على الآثار السلبية للتمدُّد الرأسمالي الصناعي.
وفي حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"، وصف المؤرخ الأمريكي «ديفيد كيرتزر»، أستاذ التاريخ في "جامعة براون"، البابا «ليون الثالث عشر» بأنَّه "محافظ من نواحٍ كثيرة، لكنَّه كان شخصية انتقالية توجَّهت نحو الفقراء".
رؤية البابا الجديد: عدالة اجتماعية في عصر الثورة الرَّقمية
البُعد الاجتماعي لاختيار الإسم أكَّده أيضًا الكاردينال «لاديسلاف نيميت»، رئيس أساقفة بلغراد، الذي شارك عشاءً خاصًا مع البابا الجديد مساء الخميس، عقب انتهاء "الكونكلاف". وقال «نيميت» للتلفزيون الكرواتي إنَّ البابا «بريفوست» أعرب خلال العشاء عن رغبته في التركيز على قضايا العدالة الاجتماعية.
وفي رأيه، فإنَّنا نعيش اليوم "ثورة رقمية" لا تقل عمقًا عن الثورة الصناعية في زمن «ليون الثالث عشر»، مع ما تحمله من مخاطر تتعلَّق بفقدان الوظائف بفعل الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
روابط شخصية وروحية بإسم «ليون»
أشار الكاردينال «نيميت» إلى أنَّ البابا الجديد يرتبط شخصيًا بروحانية «ليون الثالث عشر»، الذي أمضى شبابه في رعية يديرها رهبان القديس أوغسطين، وهو الرهبنة نفسها التي ينتمي إليها البابا «بريفوست». كما أشار إلى أنَّ أحد تلاميذ القدٍّيس «فرانشيسكو» الأوفياء كان يُدعى «ليون»، وهو ما يُضفي بُعدًا صوفيًا على الإسم المختار. إلَّا أنَّ مصادر كنسية أوضحت لاحقًا أنَّ أوَّل تلميذ للقدِّيس «فرانشيسكو» كان يُدعى «برنارد»، وليس «ليون»، كما أُشيع مؤخَّرًا.
نقاش عائلي حول الاسم: هل جلب الحظ؟
في تصريح طريف لصحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية، كشف «جون بريفوست»، الشقيق الأكبر للبابا الجديد، عن حوار دار بينهما قبل انعقاد المجمع. وقال «جون»: «طلبت منه ألا يختار إسم «ليون»، لأنَّ الرَّقم الثالث عشر يجلب الحظ السيِّئ». لكنه أضاف ضاحكًا: «لقد كنتُ مخطئًا في العدِّ. أخي، على ما يبدو، حسبها جيِّدًا!».