ويضع هذا النزاع، المجمَّد منذ سنوات طويلة، المغرب – الذي يَعتبِر الإقليم المتنازع عليه والغني بالمعادن جُزءًا لا يتجزَّأ من أراضيه – في مواجهة جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، والتي تطالب بإقامة دولة مستقلَّة في المنطقة الصحراوية.
وقال «لامِّي»، عقب محادثات أجراها في الرباط مع وزير الخارجية المغربي «ناصر بوريطة»: "الخُطَّة المغربية التي قُدِّمت عام 2007 تُمثّل الأساس الأكثر مصداقيةً وواقعيةً وبراغماتيةً للتوصُّل إلى حلٍّ دائم لهذا النزاع".
وأضاف قائلًا: أنَّ "المملكة المتحدة ستواصل التحرُّك على المستوى الثنائي، بما في ذلك اقتصاديًا وإقليميًا ودوليًا، دعمًا لهذا التوجُّه الرَّامي إلى تسوية النِّزاع".
ويجعل هذا الموقف من بريطانيا ثالث عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يعلن تأييده رسميًا لمقترح الحكم الذاتي المغربي، بعد الولايات المتحدة وفرنسا.
🇬🇧 The Secretary of State for Foreign, Commonwealth and Development Affairs, Mr. David Lammy, called for seizing "a vital window of opportunity" to reach a final and lasting resolution to the artificial dispute over the Moroccan Saharahttps://t.co/twUVTEN9l7 pic.twitter.com/VwC2KVMAbL
— Moroccan Diplomacy 🇲🇦 (@Marocdiplo_EN) June 1, 2025
من جهته، رحَّب «بوريطة» بالموقف البريطاني واصفًا إياه بـ"التاريخي"، مشيرًا إلى أنَّه يأتي في إطار "دينامية متصاعدة لتسريع التوصُّل إلى حلٍّ للنِّزاع". كما كشف أن استثمارات بريطانية محتملة في الإقليم الصحراوي تخضع حاليًا للدراسة.
ووقَّع الجانبان اتِّفاقيات تعاون في مجالات الرِّعاية الصحية، والابتكار، والبنية التحتية للموانئ والمياه، والمشتريات العامَّة.
وأشار «لامِّي» إلى أنَّ هذه الاتِّفاقيات ستُوَفِّر "فرصًا كبيرة للشركات البريطانية على الساحة الكروية الأكبر في العالم"، في إشارة إلى استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، وما يتطلَّبه ذلك من استثمارات ضخمة في البنى التحتية.
وسبق لبريطانيا أن دعمت إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية، غير أنَّ الموقف الجديد يضعها في صف فرنسا والولايات المتحدة – كأعضاء دائمين في مجلس الأمن – الدَّاعمين للخطَّة المغربية. كما أعلنت كل من إسبانيا وألمانيا رسميًا دعمهما للمقترح المغربي، في حين اعترفت فرنسا في صيف 2023 بسيادة المغرب على الإقليم الصحراوي.
#بيان وزارة الشؤون الخارجية 🇩🇿 pic.twitter.com/AIc0v0PmwT
— وزارة الشؤون الخارجية| MFA-Algeria (@Algeria_MFA) June 1, 2025
في المقابل، عبَّرت الجزائر، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في عام 2021، عن "أسفها" لموقف لندن، وقالت وزارة خارجيتها في بيان: "على مدى 18 عامًا، لم يُعرَض هذا المقترح أبدًا على الصحراويين كأساس للتفاوض، ولم يُؤخًذ على محمل الجد من قبل مبعوثي الأمم المتحدة المتعاقبين".
تعقيدات المسار الأممي ومخاطر الانسداد
تعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية "إقليمًا غير متمتِّع بالحكم الذَّاتي"، وقد نشرت فيها بعثة أممية لحفظ السلام منذ عام 1991 بهدف الإشراف على تنظيم استفتاء لتحديد مستقبل الإقليم. غير أن المغرب يرفض أي تصويت يتضمَّن خيار الاستقلال، ويصرّ على أنَّ الحل الوحيد يتمثَّل في الحكم الذاتي تحت سيادته.
وقال «لامّي»: "هذا العام يمثِّل نافذة حاسمة لإيجاد حل قبل أن نبلغ 50 عامًا على بداية النزاع في نوفمبر"، مضيفًا أن بلاده تشجّع "جميع الأطراف المعنية على الانخراط بشكل عاجل وإيجابي في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة".
وكان وقف إطلاق النار قد انهار في نوفمبر 2020، عندما أرسل الجيش المغربي قوَّاته إلى أقصى جنوب الإقليم لتفريق نشطاء من البوليساريو أغلقوا المعبر الوحيد إلى موريتانيا، وهو ما اعتبرته الجبهة عملًا غير قانوني، مشيرةً إلى أنَّ المعبر لم يكن موجودًا وقت توقيع اتِّفاق 1991.
وتطالب الأمم المتحدة بعودة المفاوضات "من دون شروط مسبقة"، بينما يصرُّ المغرب على أنَّ أي حوار يجب أن ينطلق من مبادرته للحكم الذاتي فقط.
وختم «لامّي» بالقول: "الحل الوحيد القابل للاستمرار والديمومة هو ذلك الذي يكون مقبولًا من جميع الأطراف المعنية، ويُبنى على أساس التفاهم والتسوية".
استثمارات بريطانية مرتقبة
في بيان مشترك، أعلنت المملكة المتحدة عن أنَّ هيئة تمويل الصادرات البريطانية (UK Export Finance) قد تنظر في دعم مشاريع في إقليم الصحراء الغربية، في إطار التزامها بتعبئة استثمارات بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني (نحو 5.9 مليار يورو) لمبادرات اقتصادية جديدة في المغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق