وفي مستهل كلمته، عبّر «ماتّاريلّا» عن شكره لمايسترو «ريكاردو فريتسا» وأوركسترا مسرح "سان كارلو" في نابولي، مشيرًا إلى أنَّهم "سيقدمون بعد قليل لحظة فنية مؤثِّرة". كما رَحَّب بالحضور والمتابعين عبر الإذاعة والتلفزيون والإنترنت، موجِّهًا تحية خاصة للسفراء المعتمدين لدى رئاسة الجمهورية، مؤكِّدًا على أنَّ حضورهم "يعكس عمق العلاقات والحوار البَنَّاء الذي يجمع إيطاليا بدول العالم في إطار نظام دولي قائم على التعاون الإيجابي بين الشعوب".
وأشار رئيس الدولة الإيطالية إلى أنَّ يوم الثاني من يونيو يُمثِّل ذكرى تأسيس الجمهورية الإيطالية "نتاج خيار واعٍ للسلام والحرية والاستقلال، ورفض العنف بين الأمم"، مؤكِّدًا على أنَّ الدستور الإيطالي ولد من هذا التصويت الشعبي، وهو يُجسِّد طموحًا نحو التعاون الدولي ونبذ العداوة واعتماد الحوار كوسيلة لحل النِّزاعات.
وفي سياق حديثه عن الأزمات الدولية، أبدى «ماتّاريلّا» قلقه البالغ إزاء تصاعد الصراعات في عدة مناطق حول العالم، على رأسها أوكرانيا، التي قال إنها "تدافع بشجاعة منذ أكثر من ثلاث سنوات ضد عدوان غير مبرَّر من قبل روسيا". وجدَّد دعم بلاده "الثابت والواضح" لكييف، مُشدِّدًا على ضرورة التوصل إلى سلام عادل وشامل ودائم.
أما بخصوص الشرق الأوسط، فتوقَّفَ «ماتّاريلّا» عند "الاعتداء الدَّموي الذي شنَّته حماس، والذي أسفر عن مقتل مدنيين إيطاليين واختطاف رهائن لا يزالون محتجزين"، مطالِبًا بالإفراج الفوري عنهم. لكنه انتقد في الوقت نفسه وبنبرة حادَّة السلوك الإسرائيلي في قطاع غزة، واصفًا إياه بأنَّه "غير مقبول".
وقال: "من غير المقبول رفض تطبيق قواعد القانون الإنساني على سكان غزة. يجب فرض وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار. ومن الضروري أن يتيح جيش الاحتلال الإسرائيلي وصول المنظَّمات الدولية إلى القطاع، لضمان استئناف تقديم المساعدات الإنسانية بشكل كامل". وأضاف: "أن يُحكم على شعب بأكمله، من الأطفال إلى كبار السِّن، بالمجاعة، فهذا أمر لا إنساني".
كما أدان «ماتّاريلّا» التوسُّع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، محذِّرًا من أن "تآكل المناطق المخصَّصة للسلطة الوطنية الفلسطينية أمر بالغ الخطورة"، ومُضيفًا أنَّ "الفلسطينيين لهم الحق في وطنٍ داخل حدود واضحة، كما أن أمن إسرائيل أمر لا غنى عنه، لكن كلا الهدفين مهدِّدان بما يحدث من معاناة وتغذية مشاعر الحقد والكراهية".
ولم يغفل الرئيس الإيطالي التحذير من عودة مظاهر معاداة السامية في أوروبا والشرق الأوسط، مؤكدًا أن "احتلال أراضي الغير بشكل غير قانوني لا يمكن تبريره تحت مسمى الأمن. ذلك يفتح الطريق أمام هيمنة البربرية على العلاقات الدولية".
وأكَّد على أنَّ العالم يشهد تراجعًا في النظام الدولي القائم، ما يتطلَّب "بذل جهد جماعي لإعادة بناء أسس متينة من الاحترام المتبادل والتعاون الدولي". وقال: "السلام ليس حلمًا ساذجًا، بل هو مشروع نبيل بناه رجال دولة مستنيرون، ويتوجَّب علينا الاستمرار في هذا الطريق... لا يكفي أن نستحضر السلام، بل يجب أن نعمل من أجل تحقيقه عبر الحوار وتعزيز الثقة المتبادلة".
واختتم «ماتّاريلّا» كلمته بالدعوة إلى بذل مزيد من الجهود الجماعية من أجل ضمان مستقبل آمن ومستقر للأجيال القادمة، قائلاً: "في هذا اليوم الذي نحتفل فيه بجمهوريتنا، أتمنى أن يقوم كل بلد بدوره من أجل إعادة الأمل إلى شعوب العالم، وخصوصًا لشبابه. وبهذا الالتزام، أتوجّه إليكم جميعًا بأطيب تمنيات الجمهورية الإيطالية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق