تناوب المشاركون في الأسطول على إلقاء الكلمات أمام الحشود، وقَدِموا من مختلف أنحاء العالم: من أوروبا، البرازيل، الولايات المتحدة، والدول العربية. بين المشاركين البارزين الناشطة البيئية السويدية «اغريتا تونبرغ» (Greta Thunberg)، والممثل الإيرلندي «ليام كننغهام» (Liam Cunningham)، المعروف بدور "سير دافوس" في مسلسل "صراع العروش". تحدَّثوا بالإنجليزية، وتولَّى نشطاء محلِّيون الترجمة للحضور، الذي ضمَّ وجوهًا معتادة على المسيرات، إلى جانب رجال ونساء ومُسنِّين وأطفال يحملون لافتات تضامن مع أطفال غزة.
الفعالية أعادت إلى الأذهان المظاهرة الضَّخمة التي شهدتها "كاتانيا" قبل أسبوع، حين سار نحو خمسة آلاف شخص في "شارع إتنيا" الرئيسي، في تعبير واضح عن رفضهم للمجازر المستمرَّة في قطاع غزة، ورسالة بأنَّ المدينة، كغيرها من المدن الأوروبية، لم تعد تقبل الصَّمت أمام ما وصفه المشاركون بـ"الإبادة الجماعية".
مهمَّة محفوفة بالمخاطر
المهمَّة التي تنتظر نحو إثني عشر ناشطًا على متن أسطول الحرية محفوفة بالمخاطر، ليس فقط بسبب أيَّام الإبحار السَّبعة عبر البحر المتوسط على متن قارب بمُحرِّك صغير، بل بسبب الخطر الحقيقي من اعتراض الجيش الإسرائيلي باستخدام القُوَّة. فقد سبق لبعض المشاركين أن كانوا على متن محاولة سابقة لكسر الحصار، في 1 مايو 2025، حين استهدفت طائرة مُسيَّرة إسرائيلية القارب قبالة سواحل مالطا، وأطلقت عليه قذائف أشعلت النار في مقدمة السَّفينة وأخرجتها عن الخدمة.
ولا يزال العالم يتذكَّر ما حدث لسفينة "مافي مرمرة"، التي أبحرت من تركيا عام 2010 في مهمة مماثلة، حين هاجمتها وحدة خاصة إسرائيلية، ما أدَّى إلى مقتل عشرة من النشطاء وإصابة أكثر من ستين أخرين. محاولة برَّرها جيش الإحتلال الإسرائيلي آنذاك بوجود أسلحة على متن السَّفينة، وهي ادِّعاءات نفتها لاحقًا تقارير أممية مستقلَّة.
"لسنا أبطالاً، من يعيش في قطاع غزة هو البطل"
قال الناشط البرازيلي وأحد منظّمي الأسطول، «تياغو أفيلا» (Thiago Avila): “كثيرون يظنُّون أنَّنا أبطال، لكنَّنا لسنا كذلك. من يعيش في غزة اليوم هو من يستحقُّ لقب البطل. لديّ طفلة في عامها الأول، ولا أستطيع أن أبقى مكتوف الأيدي بينما يموت آلاف الأطفال في غزة تحت القصف ويعيشون في رعب دائم. رسالتنا أنَّ التضامن والضمير الإنساني أدوات أقوى من القمع.”
رافقت الصحفية الأسطول على متن قارب صغير يقوده الشاب الفلسطيني «يَزَن عيسى»، أحد أعضاء الطاقم، والذي وصفته بأنه "رجل المهمَّات" على متن السفينة. هناك، كان الطبيب «محمد مصطفى»، الذي سبق له أن عمل متطوعًا في غزة، وقال: «يوجد آلاف الأطفال يحتاجون للعلاج، ومن لم يمت منهم تحت القصف، يعيش في جحيم من الصدمات النفسية لا يمكن وصفه».
السَّفينة محمَّلة حتَّى أقصى طاقتها بالمُؤَن والمواد الغذائية: عصائر، حليب، أرز، معلَّبات، وألواح بروتين، تبرّع بها مئات المواطنين من كاتانيا ومن حول العالم. ويعلم يزن جيدًا أن هذه المساعدات لن تكفي سوى لعدد ضئيل بين مليوني فلسطيني يواجهون المجاعة بفعل سياسة التجويع الممنهجة التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي، من خلال منع دخول المساعدات وتدمير الأراضي الزراعية.
«هذه المساعدات رمزية بالدرجة الأولى»، يقول «يزن»، «لكنَّها رسالة قوية لأهل غزة بأنَّ العالم لم ينساهم».
كاتانيا تتّشح بألوان فلسطينمن رصيف ميناء "سان جوفاني لي كوتي"، يمكن رؤية التضامن في كل زاوية. فوق طاولات المطاعم انتشرت البالونات بألوان العلم الفلسطيني: الأحمر، الأخضر، الأسود، والأبيض. والمارّة يتوقَّفون للاستماع إلى الكلمات والتصفيق. أحد العاملين في كشك قريب قال لزبائنه وهو يقدّم لهم القهوة والمشروبات: «معهم كل الحق. آن الأوان لفعل شيء لإيقاف إسرائيل».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق