الإيطالية نيوز، الأربعاء 4 يونيو 2025 – أَقرَّ مجلس الشيوخ الإيطالي، بأغلبية 109 أصوات مقابل 69 وامتناع عضو واحد فقط، "مرسوم الأمن" الذي يُعد أحد أبرز مشاريع حكومة «جورجا ميلوني»، ليصبح بذلك قانونًا نافذًا بعد موافقة مجلس النواب عليه في 29 مايو الماضي. وقد مُنِح النص ثقة الحكومة الأسبوع الماضي، ما حال دون إدخال أي تعديلات إضافية عليه خلال مناقشته البرلمانية.
ينصُّ القانون الجديد على إدخال 14 جريمة جديدة، بينها "الاحتلال غير المشروع لممتلكات مخصَّصة كسكن للغير"، و"قطع الطرق"، و"التمرُّد في السُّجون أو "مراكز الاحتجاز الخاصة بالمهاجرين" (CPR)"، والتي ستُعتبر جرائم حتى في حالة الاحتجاج السِّلمي. كما جرى تشديد العقوبات على 9 جرائم أخرى قائمة بالفعل.
وخلال جلسة التصويت، نَظَّم نواب المعارضة احتجاجًا داخل قاعة البرلمان، حيث جلسوا أرضًا بأرجل متشابكة، رافعين لافتات كتب عليها: "بلِّغوا عنا السُّلطات" و*"عارٌ عليكم"*، تعبيرًا عن رفضهم لتجريم احتجاجات الشارع.
وكانت الحكومة قد اعتمدت المرسوم في 11 أبريل الماضي، بعد أن تَبيَّن وجود أخطاء شكلية في صياغة مشروع القانون الأصلي، بالأخص ما يتعلَّق بتواريخ تغطية التمويل، حيث أُشير إلى أنَّها تبدأ من عام 2024، وهو العام الذي لم يُعتمد فيه النَّص قانونيًا. وتفاديًا لتعطيل الإجراء، اختارت حكومة «ميلوني» تمرير المحتوى عبر مرسوم حكومي، متجاوزةً بذلك النقاش البرلماني الطبيعي، رغم أنَّ المراسيم يفترض أن تُستخدم فقط في الحالات الطارئة.
مقارنة بالنَّص الأصلي، لم تشهد النُّسخة النهائية سوى تغييرات طفيفة شملت بعض النقاط الخلافية، مثل وضع النساء الحوامل، وإتاحة الوصول إلى بيانات الهاتف الخاصة بالمهاجرين، وإلزام المؤسَّسات العامَّة بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات. أمَّا البنية الأساسية للنَّص، فظلَّت محافظة على طابعها الأمني الصارم، الأمر الذي دفع منظمات حقوقية وسياسيين معارضين إلى اتِّهام الحكومة بانتهاج سياسة "تقييد الحريات" و"تجريم الاحتجاجات".
أبرز بنود القانون:
-
تجريم الاحتجاجات السلمية: يُجرّم القانون أشكالًا من الاحتجاج السلمي، مثل إغلاق الطرق أو السكك الحديدية، حتى وإن كانت بدون عنف، ويُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات. hrw.org
-
تجريم المقاومة السلبية: يُضيف القانون جريمة جديدة تُعرف بـ"المقاومة السلبية"، والتي تشمل رفض الامتثال للأوامر في السجون أو مراكز احتجاز المهاجرين، حتى وإن كانت بدون عنف، ويُعاقب عليها بالسجن من سنة إلى خمس سنوات.
-
حظر بيع "القنب الخفيف": يحظر القانون بيع منتجات "القنب الخفيف" (Cannabis light)، وهي منتجات من القنب الصناعي غير المخدّر، مما أثار غضب رواد الأعمال في هذا القطاع.
-
إلغاء الإعفاءات من السجن للنساء الحوامل والأمهات الجدد: يلغي القانون الإعفاءات التي كانت تُمنح للنساء الحوامل أو الأمهات لأطفال دون السنة من تنفيذ العقوبات السجنية، وهو إجراء يُعتقد أنه يستهدف نساء من أقليات مثل الروما.
-
حظر بيع شرائح الهاتف للمهاجرين غير النظاميين: يمنع القانون بيع شرائح الهاتف المحمول (SIM) للأشخاص الذين لا يحملون تصاريح إقامة، مما يُصعّب على المهاجرين غير النظاميين الحصول على خدمات الاتصالات.
-
حماية قانونية لقوات الأمن: يوفر القانون تغطية قانونية تصل إلى 10,000 يورو لأفراد الشرطة أو الجيش الذين يخضعون للتحقيق أو المحاكمة بسبب تصرفاتهم أثناء أداء واجبهم.
ردود الفعل:
قوبل القانون بانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش، التي حذّرت من أن القانون يُهدد حرية التعبير والحق في الاحتجاج السلمي. كما أعربت منظمات دولية، بما في ذلك مفوضية حقوق الإنسان التابعة لمجلس أوروبا ومقررو الأمم المتحدة الخاصون، عن قلقهم من أن القانون قد ينتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
في الداخل الإيطالي، نظّمت أحزاب المعارضة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني احتجاجات واسعة ضد القانون، واعتبره البعض خطوة نحو تقويض الديمقراطية وحرية التعبير في البلاد.
تُظهر هذه التطورات تحولًا في السياسة الإيطالية نحو تشديد الإجراءات الأمنية، مما يثير مخاوف بشأن تأثير ذلك على الحقوق المدنية والحريات الأساسية في البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق