وفي هذه الحالة، تُستخدَم تقنية "الحمض النووي الريبي المرسال" لتحفيز الفيروس الكامن داخل خلايا الجسم على "الخروج من مخبئه"، وهي خطوة مُعقَّدة لكنَّها أساسية إذا ما أُريد التخلُّص منه نهائيًا. وقد نُشرت نتائج الدراسة في أواخر شهر مايو في مجلة Nature Communications العلمية.
آلية عمل التقنية
يُعتبر "الحمض النووي الريبي المرسال" بمثابة "دليل تعليمات" جيني، يحدثُ إدخاله إلى الجسم ليخترق الخلايا ويوجِّهُها لإنتاج بروتينات محدَّدة. ووفقًا للفريق البحثي الأسترالي، فإنَّ تسلسلًا مُعيَّنًا من "الحمض النووي الريبي المرسال" يمكن أن يستهدف الخلايا التي يختبئ فيها "فيروس نقص المناعة البشرية"، ويحثُّها على كشف وجوده.
وتكمن إحدى أبرز العقبات في علاج "فيروس نقص المناعة البشرية" في قدرته على الاختباء داخل خلايا الدَّم البيضاء، وهي عنصر رئيسي في جهاز المناعة. هذا "الاحتياطي الخفي" من الفيروس يمكن أن يُفعِّل مجدَّدًا في أي وقت، ما يجعل القضاء عليه بالعلاج أو بالمناعة الطبيعية أمرًا بالغ الصعوبة. وقالت الباحثة «باولا سيفال»، المشاركة في الدراسة، لصحيفة "الغارديان" البريطانية إنَّ إيصال "الحمض النووي الريبي المرسال" إلى هذه الخلايا كان يُعتبر مستحيلًا حتَّى وقت قريب.
اختراق علمي في إيصال mRNA إلى الخلايا المناعية
عادةً، لا تمتص خلايا الدَّم البيضاء الجسيمات النانوية الدهنية (LNP)، وهي الهياكل التي تُستخدم عادة لتغليف ونقل "الحمض النووي الريبي المرسال" داخل الجسم. لكن الفريق الأسترالي طوَّر نوعاً جديدًا من هذه الجُسَيمات يُسمّى LNP X، قادر على اختراق هذه الخلايا المستعصية. وفي تصريح لـ "نيويورك تايمز"، وصفت الباحثة المشاركة «شارون لوين» التقنية بأنَّها «طريقة معجزة لإيصال ما نريده إلى أماكن لم يكن ذلك ممكنًا من قبل».
ما زال الطريق طويلًا نحو العلاج
أُجريت الدراسة داخل المختبر باستخدام خلايا مأخوذة من مرضى مصابين بـ "فيروس نقص المناعة البشرية". ويؤكِّد الباحثون الحاجة إلى مزيد من الدراسات لتحديد ما إذا كان مجرَّد كشف الفيروس كافيًا لتحفيز الجهاز المناعي على القضاء عليه، أم أن الأمر يتطلَّب دمج هذه التقنية مع علاجات أخرى.
ولاختبار فاعلية "الحمض النووي الريبي المرسال" كجزء من علاج شامل ل"فيروس نقص المناعة البشرية"، يتوجَّب إجراء تجارب على الحيوانات أولًا، تليها دراسات سريرية لضمان السلامة، وهو ما قد يستغرق عدَّة سنوات قبل الوصول إلى مرحلة التجارب البشرية.
خلفية: التحدي العالمي المستمر
يُقدَّر عدد المصابين بـ "فيروس نقص المناعة البشرية" حول العالم بنحو 40 مليون شخص، يعتمدون على تناول أدوية مدى الحياة للسيطرة على الفيروس ومنع تطوُّر المرض أو نقله للأخرين. وتُسجَّل سنويًا مئات الآلاف من الوفيات المرتبطة بالإيدز، خصوصًا في الدول ذات الأنظمة الصحية الضعيفة والبنية التحتية المحدودة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق