تصريحات «نتنياهو» جاءت عقب اتِّهامات وجهها إليه «أفيغدور ليبرمان»، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض، خلال مقابلة مع هيئة البث العامة الإسرائيلية، اتَّهمه فيها بتحويل أسلحة إلى ميليشيات فلسطينية من دون موافقة مجلس الوزراء الأمني المصغَّر. وقال «ليبرمان»: “حسب علمي، هذا القرار لم يُعرَض على الحكومة»، مضيفًا: «رئيس الوزراء أمر بنقل أسلحة إلى مجرمين في غزة على صلة بتنظيم داعش.”
وفي وقت لاحق من الخميس، أكَّدت وسائل إعلام إسرائيلية نقلًا عن مصادر أمنية، أن «نتنياهو» صادق بالفعل على تسليح مجموعة محدَّدة تنشط جنوب قطاع غزة، في خطوة أثارت استياء أحزاب المعارضة، التي وصفت القرار بأنَّه تهديد لأمن إسرائيل. وقال «ليبرمان»: “لا أحد يستطيع أن يضمن عدم استخدام هذه الأسلحة ضد إسرائيل في المستقبل.”
من جانبه، هاجم «يائير غولان»، زعيم حزب الديمقراطيين، «نتنياهو» عبر منصة "إكس"، وكتب: “نتنياهو يُشكِّل خطرًا على الأمن القومي الإسرائيلي.”
وفيما تلتف أحزاب الائتلاف الحاكم حول رئيس الوزراء حتَّى الآن، تُلوِّح في الأفق أزمة سياسية داخلية، بعد إعلان حزب "شاس" الدِّيني المُتشدِّد، أحد مكوِّنات الائتلاف، نيَّته دعم حل الكنيست، ما قد يؤدِّي إلى انهيار حكومة اليمين المتطرِّف. ويأتي هذا التوجُّه احتجاجًا على عدم تمرير قانون يُعفي الشبان المتديِّنين من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وعلى الرَّغم من عدم وضوح الأدلَّة التي استند إليها «ليبرمان» لربط المجموعة المزعومة بتنظيم داعش، إلَّا أنَّ إسم قائدها العسكري، «ياسر أبو شباب»، معروف لدى الأجهزة الأمنية.
المجموعة التي يقودها «أبو شباب»، والمعروفة بإسم "القوى الشعبية"، كانت قد اتُّهمت قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 بالتورُّط في عمليات تهريب عبر الحدود المصرية بالتعاون مع جماعات جهادية، وكانت هدفًا لملاحقة الأجهزة الأمنية التابعة لحماس.
ومنذ اندلاع الحرب، تشير تقارير صحفية إلى أنَّ مجموعة «أبو شباب»، إلى جانب ميليشيات فلسطينية أخرى، باتت تعمل تحت حماية الجيش الإسرائيلي وتشارك في نهب قوافل المساعدات الإنسانية المخصَّصة للسكان المدنيين في غزة. وسبق لصحف "واشنطن بوست" و"نيو عرب" و"هآرتس" أن وثَّقت هذه الأنشطة في نوفمبر 2024.
وفي 28 مايو الماضي، صَرَّح «جوناثان ويتال»، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لصحيفة "ذا غارديان" قائلًا: “أعمال النَّهب الحقيقية للمساعدات الإنسانية منذ بداية الحرب تُنفذها عصابات إجرامية تحت إشراف القوات الإسرائيلية.”
في المقابل، يُرَوِّج «أبو شباب» عبر صفحته على فيسبوك لرواية مفادها أنَّ مجموعته تدافع عن الفلسطينيين وتساعدهم على العودة إلى منازلهم المدَمِّرة. غير أنَّ مقاطع فيديو انتشرت مؤخَّرًا على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت عناصره وهم يتعاونون مع متعاقدين من "مؤسَّسة غزة الإنسانية" – وهي منظمة إسرائيلية-أميركية مسؤولة عن توزيع المساعدات في القطاع.
وفي منشور مطول على "فيسبوك" نشره مساء الخميس، نفى «أبو شباب» أي علاقة له بتصريحات «نتنياهو» أو التعاون مع الجيش الإسرائيلي. ومع ذلك، أصدرت عائلته بياناً تبرَّأت فيه منه، وأكَّدت وجود أدلة على تعاونه مع القوات الإسرائيلية. وجاء في البيان الذي نقلته وكالة "قدس نيوز": “صُدمنا من المشاهد التي بثَّتها المقاومة، وتُظهر انخراط مجموعات تابعة لـ «ياسر» في وحدات سِرِّية مساندة لقوات الاحتلال الصهيوني، التي تواصل قتل شعبنا بوحشية.”
وفي ظلِّ حاجة الجيش الإسرائيلي إلى ما لا يقلُّ عن 10 آلاف جندي، ومع بدء تراجع الحماسة لدى جنود الاحتياط، ورفض شريحة واسعة من الشبان المتديِّنين الانخراط في الخدمة العسكرية، يبدو أنَّ خيار تسليح ميليشيات فلسطينية موالية قد يمثِّل ورقة مهمة في استراتيجية "تل أبيب" العسكرية. كما يُنظَر إلى هذه الخطوة على أنَّها وسيلة لتمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني، عبر تغذية الانقسامات الدَّاخلية وتحويل الفلسطينيين ضدَّ بعضهم البعض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق