ويُمثِّل هذا الانضمام تحوُّلًا واضحًا في موقف روما من الطاقة النووية، التي أعادت تقييمها كمصدر "منخفض الكربون وآمن وموثوق"، رغم التحديات التقنية وموقف الرأي العام الذي عبَّر عن رفضه للطاقة النووية في استفتاءين شعبيين عامي 1987 و2011.
التحالف، الذي أُطلق في فبراير 2023 بمبادرة فرنسية، يضمُّ حاليًا 17 دولة، ويسعى إلى تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية التي ترى في الطاقة النووية ركيزة أساسية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، وأمن التوريد، والاستقلالية الاستراتيجية للقارَّة. ومن أبرز أولوياته: تمويل مشاريع الطاقة النووية من خلال آليات التمويل الأخضر، دعم الاستثمار العام، والتعاون في مجالات البحث العلمي وإدارة النفايات المُشعَّة.
Un gesto semplice, dopo un momento importante. Un segno di rispetto, collaborazione e fiducia reciproca.
— Gilberto Pichetto (@GPichetto) June 16, 2025
Con la ministra svedese @BuschEbba poco dopo l’annuncio dell’adesione dell’Italia all’Alleanza Nucleare Europea.
Seguimi qui: https://t.co/iDf48aQhpo pic.twitter.com/Y2i3ny7T17
وحتّى وقت قريب، كانت إيطاليا تحضر اجتماعات التحالف كمراقب، من دون حق التصويت أو المشاركة الفعّالة. ومع الانضمام الرَّسمي، ستتمكَّن روما من الإسهام في رسم السياسات الجماعية، لاسيما في مجال تطوير "المفاعلات النووية المدمجة الصغيرة" (SMR) والبحث في مصادر الطاقة المستقبلية.
وتأتي هذه الخطوة بعد أشهر فقط من مصادقة مجلس الوزراء الإيطالي (فبراير 2025) على قانون تفويضي يهدف إلى إدخال ما يُعرَف بـ"الطاقة النووية المستدامة" ضمن المنظومة الوطنية، وتحديدًا من خلال إدراج "المفاعلات النووية المدمجة الصغيرة"، التي يُفترَض أن تدخل حيِّز التشغيل بحلول عام 2030، وإنشاء هيئة رقابية مستقلَّة للطاقة النووية.
ينصُّ القانون أيضًا على تجريب، وتحديد مواقع، وبناء وتشغيل هذه المفاعلات، إلى جانب معالجة النفايات المشعة وتفكيك المرافق النووية القديمة. كما يتضمَّن إعداد برامج لتكوين كفاءات فنية جديدة في هذا المجال.
غير أنَّ الرِّهان الإيطالي الجديد على الطاقة النووية يصطدم برفض شعبي موثَّق: ففي استفتاءي عامي 1987 و2011، رفض ما بين %71 و %94 من الناخبين العودة إلى استخدام الطاقة النووية. ومع ذلك، تصف الحكومة الحالية – المدعومة من ائتلاف اليمين بقيادة "افراتيلّي دِ إيطاليا" – الطاقة النووية بأنَّها "نظيفة وآمنة"، متجاهلةً بذلك الإرث الشعبي المعارض والتجارب الدولية المشكِّكة.
ويُضاف إلى ذلك التحوُّل في مواقف القوى السياسية: إذ يدعم اليمين المتَّحد، بجميع أطيافه، هذا التوجُّه، في حين لم يحدِّد الحزب الديمقراطي موقفًا واضحًا، بينما لا يزال كل من "حركة خمس نجوم" وتحالف "اليسار والخضر" الأكثر رفضًا للطاقة النووية. أمَّا القوى الوسطية، مثل "إيطاليا فيفا" بقيادة «ماتيو رينسي»، و "أَتْسيُوني" بزعامة «كارلو كاليندا»، فتؤيد بقوة ما يسمى "الجيل الجديد من المفاعلات النووية".
L’ingresso dell’Italia nell'alleanza europea per il #nucleare è un'ottima notizia: sviluppare una filiera industriale europea dei reattori modulari e di altri concetti innovativi è fondamentale per le aziende italiane.
— Azione (@Azione_it) June 16, 2025
Oggi, però, molti dei Paesi membri di quella alleanza stanno… pic.twitter.com/ICMNKiAFUn
لكن موجة الحماسة حول "المفاعلات النووية المدمجة الصغيرة"، التي تمثِّل عماد هذا التوجُّه الجديد، تلقَّت انتقادات علمية واقتصادية حادة، خاصة بعد تقرير صادر عن "معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي" (IEEFA). فقد أشار التقرير إلى أن مشاريع "المفاعلات النووية المدمجة الصغيرة" في روسيا، الصين، الأرجنتين والولايات المتحدة تجاوزت تكاليفها التقديرات الأولية بكثير، وتعرَّضت لتأخيرات كبيرة رغم وعود الإنشاء السريع، في وقت تُحقِّق فيه الطاقة الشمسية وطاقة الرياح نموًا متسارعًا وكفاءة أعلى.
ورصد التقرير أيضًا مخاطر فنِّية مرتفعة تُميِّز هذه التكنولوجيا غير الناضجة، ما يجعل الاستثمار فيها "مقامَرة" أكثر من كونه فرصة واعدة. وخلص إلى أنَّ البدائل الأكثر واقعية وفعالية في خفض الانبعاثات وتكاليف الإنتاج هي المصادر المتجدِّدة مثل الشمس والرياح، إلى جانب حلول التخزين الذكي وشبكات الطاقة الحديثة.
باختصار، فإنَّ دخول إيطاليا إلى التحالف النووي الأوروبي يمثل خطوة سياسية بارزة وطموحة، لكنه يفتح أيضاً بابا واسعاً للنقاش حول جدوى الاستثمار في تكنولوجيا لا تزال محلَّ جدل علمي وشعبي، في وقت يتسابق فيه العالم نحو بدائل طاقة أكثر استدامة ومردودية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق