
الاستثمارات السعودية أنقذت البطولة عبر تمويل غير مباشر للجوائز المالية وإقناع الأندية الكبرى بالمشاركة

لكن ما أنقذ البطولة من الفشل المالي هو الدعم المالي الكبير الذي قدَّمته المملكة العربية السعودية، سواء من خلال رعاة رسميين أو عبر استثمارات غير مباشرة ضمنت مشاركة الأندية الكبرى، ومكَّنت "الفيفا" من تأمين جوائز مالية ضخمة.
دعم سعودي شامل عبر "أرامكو" و "صندوق الاستثمارات العامة"
بدأت المساهمة السعودية عبر شركة "أرامكو"، عملاق النفط السعودي، التي أصبحت الشريك الرئيسي لـ "الفيفا" منذ أبريل 2024 بعقد يمتدُّ حتّى عام 2027، وتُقدَّر قيمته السنوية بنحو 100 مليون دولار. كما تَدخَّل "صندوق الاستثمارات العامَّة" السعودي (PIF) بشكل مباشر في تمويل البطولة، وكان له دور رئيسي في حل أزمة حقوق البث التلفزيوني، التي كادت تعرقل الحدث.
صفقة "دازون" المشبوهة
في ظل غياب عروض كافية لشراء حقوق البث، حدَّدت "الفيفا" قيمة الحقوق بمبلغ 4 مليارات دولار، لكن لم تُبدِ أي جهة استعدادها لدفع هذا المبلغ. وفي ديسمبر 2024، أعلنت منصة البث الرياضي "دازون" عن استحواذها على الحقوق مقابل مليار دولار، وهي صفقة أثارت تساؤلات واسعة حول جدواها الاقتصادية، لا سيما أنَّ "دازون" سجَّلت خسائر قدرها 1.4 مليار دولار في العام السَّابق، ولم تتجاوز إيراداتها الإجمالية 3.4 مليار دولار.
لاحقًا، في فبراير 2025، باعَت "دازون" حصَّةً تتراوح بين 5 و10 بالمئة من أسهمها لصالح شركة SURJ Sports Investment المملوكة لـ "صندوق الاستثمارات العامَّة" السعودي، بقيمة بلغت مليار دولار، أي القيمة نفسها لصفقة حقوق البث، مما عَزَّز الشكوك حول تمويل سعودي غير مباشر لشراء الحقوق، وبالتالي تمكين "الفيفا" من الإعلان عن جائزة مالية إجمالية بقيمة مليار دولار للبطولة.
تضارب مصالح واضح: الفيفا والسعودية ونادي "الهلال"
بين الأندية المشاركة في البطولة، يوجد نادي "الهلال" السعودي، المملوك لـ "صندوق الاستثمارات العامة". "الهلال" تعاقد مؤخَّرًا مع المدرِّب الإيطالي «سيموني إنزاغي» مقابل 25 مليون يورو سنويًا، ليصبح ثاني أعلى مدرِّب أجرًا عالميًا بعد «دييغو سيميوني». مشاركة "الهلال" في البطولة، في ظل رعاية "صندوق الاستثمارات العامَّة" السعودي للحدث، تثير مخاوف جدية بشأن تضارب المصالح، خصوصًا أنَّ الصندوق الراعي يملك فريقًا ضمن المتنافسين.
خلفيات استراتيجية: “رؤية 2030” وتبييض الصورة
يأتي هذا الحراك السعودي في إطار رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع مصادر الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وتحسين صورة المملكة عالميًا من خلال الاستثمار في الرياضة، وعلى رأسها كرة القدم. وبدأت هذه الاستراتيجية فعلًا في أكتوبر 2021 بشراء نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، ثم في 2023 بشراء "صندوق الاستثمارات العامَّة" السعودي لأربعة أندية سعودية بارزة، هي "الهلال" و"النصر" و"الاتحاد" و"الأهلي"، وضمَّ عددًا من نجوم اللعبة والمدربين العالميين، أبرزهم «كريستيانو رونالدو» الذي انضمَّ إلى "النصر" في بداية 2023 براتب سنوي قدره 200 مليون دولار.
نحو 2034: كأس العالم على الأراضي السعودية
الهدف الأكبر لهذا الاستثمار الكثيف هو تمهيد الطريق لاستضافة كأس العالم للمنتخبات الوطنية عام 2034، والتي فازت بها السعودية رسميًا. وتطمح "الرياض" إلى استخدام هذه الاستضافة لتعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية والثقافية على السّاحة الدَّولية، في ظل الانتقادات المتواصلة لسجلِّها في مجال الحرِّيات وحقوق الإنسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق