وبذلك يُسجَّل إخفاق جديد للتيار الأوروبي الليبرالي في استعادة الرئاسة، رغم عودته إلى رئاسة الحكومة قبل عامين عبر «دونالد توسك». ويُعتبَر «نافروتسكي» امتدادًا للنهج المحافظ الذي تبنّاه سلفه «أندجيه دودا»، حيث يعتنق سياسات محافظة قومية ويُصنّف ضمن تيار ما يُعرف بـ"الأحزاب الوطنية" الأوروبية المنضوية في مجموعة المحافظين والإصلاحيين، التي تضمُّ أيضًا حزب "إخوة إيطاليا" بزعامة «جورجا ميلوني».
سياسيًا، يرفض «نافروتسكي» اعتماد بولندا لليورو رغم عضويتها في الاتحاد الأوروبي، ويتبنَّى توجُّهًا مشكِّكًا في الاتِّحاد من دون الدَّعوة إلى الخروج منه. خارجيًا، يُظهر تقاربًا واضحًا مع واشنطن وخصوصًا مع جناح «دونالد ترامب»، ويُتوقَّع أن يُبقي على الموقف المؤيِّد لإسرائيل في ملف الصراع الفلسطيني، كما يؤيِّد تسليح أوكرانيا من دون إخفاء انتقاداته لحكومة «زيلينسكي»، وهو موقف يعكس رؤية «ترامب» حيال الحرب.
خلال حملته، ركَّز «نافروتسكي» على القضايا الأخلاقية والدينية التي تُعمِّق الانقسام بين المحافظين والتقدُّميين في بولندا. وقد دعا إلى تجريم الإجهاض في معظم الحالات، وهاجم ما سمَّاه "الترويج للجندر" في المدارس، إلى جانب رفضه لزواج المثليين وتحفُّظه اتِّجاه حقوق مجتمع المثلية الجنسية.
اقتصاديًا، تَميَّز برنامجه بلهجة اجتماعية واضحة، حيث دعا إلى فرض ضريبة على مُلَّاك العقارات الذين يملكون ثلاث وحدات سكنية أو أكثر، مع إعفاءات للأسر التي لديها أطفال، سعيًا للحدِّ من المضاربات وتعزيز فرص السكن. كما أعلن عزمه دعم برامج الرَّفاه الاجتماعي وتوسيع الاستثمارات العامة في البنية التحتية والنقل والإسكان.
رغم مكانة الرئيس البارزة في بولندا، إلَّا أنَّ سلطاته تظلُّ محدودة مقارنة بالحكومة. فالرئيس يُنتخَب لخمس سنوات، ويمثل البلاد دوليًا، ويملك صلاحيات منها تعيين رئيس الوزراء، وقيادة القوات المسلَّحة، واستخدام حق النقض ضد القوانين، لكن من دون إدارة مباشرة للقطاعات الحيوية كالاقتصاد أو الصحة أو التعليم، التي تبقى ضمن صلاحيات رئيس الوزراء والحكومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق