وبحسب مصادر طلَّابية، استخدمت الشرطة القوة المُفرِطة لتفريق المحتجِّين، وشملت الاعتداءات الضرب بالهراوات والمطاردات في شوارع العاصمة. وأسفرت الاشتباكات، التي وقعت فجر الأحد، عن إصابة ثمانية متظاهرين واعتقال عشرة أخرين، في حين نَفَّذت الشرطة صباح الإثنين عمليات توقيف إضافية خلال تفكيك حواجز أقامها المتظاهرون في بلغراد وعشرات المدن الأخرى.
تأتي هذه التعبئة الشعبية بعد أشهر من التوتُّرات التي بلغت ذروتها في مارس الماضي، عندما خرج نحو 300 ألف شخص إلى الشوارع احتجاجًا على إدارة الحكومة والرئيس. وتُعتبر هذه الاحتجاجات امتدادًا لحالة الغضب التي انفجَّرت أواخر عام 2024، بعد انهيار سقف محطة القطارات في مدينة "نوفي ساد"، ما أسفر عن مقتل 16 شخصًا وإصابة أكثر من 30 أخرين. التحقيقات كشفت لاحقًا أن أعمال الترميم أُسندت إلى شركة صينية من دون الالتزام بالإجراءات القانونية، ما أجَّج الغضب الشَّعبي.
في البداية، تنوَّعت مطالب الحراك الطلَّابي بين الدعوة لنشر مستندات ترميم المحطَّة، والمطالبة بزيادة %20 في ميزانية التعليم الجامعي، غير أنَّ تعنُّت السُّلطة حصر المطالب في مطلب رئيس: انتخابات مُبكِّرة. وقد عبَّر المحتجُّون عن ذلك بوضوح في تظاهرة يوم السبت، حين تجمَّعوا في ساحة "اسلافيا" وسط بلغراد رافعين شعارات ضدَّ "الحزب التقدُّمي الصربي" الحاكم، وأعلامًا وطنية ولافتات تُمثِّل الحراك الطُلّابي.
اختير تاريخ 28 يونيو للتظاهرة بدلالات رمزية كبيرة، حيث يوافق يوم "القديس فيتوس"، وهو يوم ذو طابع ديني وقومي، يتزامن مع ذكرى معركة كوسوفو عام 1389، والتي تُعتبر رمزًا للهوية الوطنية الصربية.
ورغم أنَّ التظاهرة انتهت رسميًا عند غروب الشمس، فقد بقي المئات في الشوارع، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين الشرطة والمحتجين، تخلَّلها استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع ومزيد من الاعتقالات. كما أفادت تقارير أمنية بأن بعض الطلاب المعتقلين وُجِّهت لهم اتِّهامات بمحاولة "تغيير النظام الدستوري بالقوَّة".
وفي تصعيد ميداني، أغلق المحتجون خلال الليل محاور رئيسية في العاصمة ومدن أخرى باستخدام حاويات النفايات والحواجز المعدنية والخيام. لكن الشرطة أزالت هذه الحواجز صباح الإثنين واعتقلت عددًا من المشاركين.
ردًّا على التصعيد الشعبي، حاول الرئيس «فوتشيتش» تهدئة الأوضاع عبر تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة الحكومة السابقة تحت ضغط الشارع، لكن هذه الخطوة لم تفلح في احتواء الغضب الشَّعبي، لا سيما مع استمرار إنكار السُّلطة لمطالب المحتجّين ووصمهم مرارًا بأنَّهم "عملاء أجانب"، و"مخرِّبون"، و"إرهابيون".
السُّلطات لوَّحت أيضًا بإجراءات انتقامية، شملت تهديدات بخصخصة الجامعات الحكومية، في خطوة فسَّرها مراقبون بأنَّها محاولة لكسر شوكة الحراك الطُلَّابي. غير أن الطلاب، من مقارّ الجامعات التي يسيطرون عليها، أعلنوا الدخول في مرحلة جديدة من التعبئة، مؤكِّدين على أنَّ هدفهم بات واضحًا: إسقاط الحكومة الحالية والدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكِّرة، بدلًا من الانتظار حتّى موعدها المقرَّر في عام 2027.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق