الإيطالية نيوز، الأحد 20 يوليو 2025 – رغم تكرار إعلانات وقف إطلاق النار في سوريا، لا يزال جنوب البلاد يعيش في خضم فوضى أمنية متصاعدة. ومنذ اندلاع المواجهات، التي تشير بعض الروايات إلى أنها بدأت إثر عمليات خطف نفذتها قبائل بدوية بحق أفراد من الطائفة الدرزية، قُتل أكثر من 700 شخص في محافظة السويداء، التي تمثل مركز الاشتباكات.
وفي أعقاب غارات إسرائيلية نُفذت بدعوى "الدفاع عن الأشقاء الدروز"، أعلنت الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وسوريا، يسمح للرئيس السوري الحالي، أحمد الشرع، بنشر قواته الأمنية في المناطق المتضررة من القتال. بالتزامن مع ذلك، أعلن الشراع عن وقف جديد لإطلاق النار في محافظة السويداء، هو الثالث خلال أقل من أسبوع، ويبدو أنه حظي بقبول بعض الفصائل الدرزية الأكثر ميلاً للانفصال.
حتى الآن، لم تؤكد السلطات الإسرائيلية أو السورية رسميًا التوصل إلى اتفاق. إلا أن دمشق بدأت بالفعل بتحريك قواتها باتجاه السويداء، بينما وجهت تل أبيب انتقادات لاذعة للرئيس السوري.
إعلان الهدنة وتطورات ميدانية متسارعة
تم الإعلان عن وقف إطلاق النار صباح اليوم، السبت 19 يوليو، من قبل الرئيس السوري. وبعد ساعات، أفادت وسائل إعلام أن كلاً من "الجيش القبلي العربي" — وهو فصيل بدوي ينشط في محافظة درعا — والطائفة الدرزية بقيادة الشيخ حكمت الحاجري، أبرز المعارضين الدروز للرئيس الشراع منذ الإطاحة ببشار الأسد، وافقا على الهدنة.
وفي وقت لاحق، أعلن السفير الأميركي في تركيا، توم باراك، التوصل إلى تفاهم بين القيادتين الإسرائيلية والسورية. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد كشفت، في اليوم السابق، عن اتفاق يسمح لسوريا بالانتشار في محافظة السويداء لمدة 48 ساعة.
BREAKTHROUGH —— Israeli Prime Minister @Netanyahu and Syrian President Ahmed al-Sharaa @SyPresidency supported by the U.S.A. @SecRubio have agreed to a ceasefire embraced by Türkiye, Jordan and its neighbors. We call upon Druze, Bedouins, and Sunnis to put down their weapons and…
— Ambassador Tom Barrack (@USAMBTurkiye) July 18, 2025
وتشير تسريبات أخرى، تداولتها مصادر إعلامية مستقلة، إلى أن الاتفاق يتضمن إقامة حواجز أمنية خارج الحدود الإدارية للمحافظة لمراقبة الوضع، وضمان انسحاب آمن للقبائل البدوية، وإنشاء ممرات إنسانية للمدنيين. وفي هذه الأثناء، دخلت القوات السورية إلى مناطق الاشتباك.
حالة من "الهدوء النسبي والحذر" في #السويداء وقوات الأمن العام تضع حواجز أمنية لمنع حركة المقاتلين المسلحين إلى داخل المدينة.. المشهد يرصده مراسل التلفزيون العربي قحطان مصطفى @kahtan_mostafa1 pic.twitter.com/y0b3LKXCTO
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 20, 2025
غموض الموقف واستمرار الاشتباكات
ورغم الحديث عن اتفاق محتمل، تبقى الأوضاع على الأرض غير واضحة. فلم تُؤكد إسرائيل ولا سوريا التوصل الرسمي إلى أي اتفاق، بينما واصل وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، هجماته على الرئيس السوري، واصفًا تصريحاته بأنها "تبرير للعنف الجهادي".
The speech of Syrian President Ahmed al-Shara was a display of support for the jihadists attackers (in al-Shara’s words: “The Bedouin tribes as a symbol of noble values and principles”) and blaming the victims (the attacked Druze minority).
— Gideon Sa'ar | גדעון סער (@gidonsaar) July 19, 2025
Al-Shara spiced all this with…
ميدانيًا، تواصلت الاشتباكات في عدة مناطق. وبحسب مصادر محلية، شنت القبائل البدوية صباح اليوم هجمات على المناطق الغربية لمحافظة "السويداء" وشمال غرب سوريا، وأعلنت سيطرتها على بلدة "الخالدية" في محافظة "حماة". في المقابل، واصل الدروز عمليات أسر عناصر من الميليشيات البدوية، وأعلنوا استعادة بعض المناطق في السويداء. وابتداءً من الساعة الواحدة ظهرًا، تركزت المواجهات في مدينة السويداء نفسها، بينما بقي التوتر مرتفعًا في محيط المدينة دون تسجيل مزيد من الاشتباكات.
جذور التصعيد: من الخطف إلى الانفجار
بدأت المواجهات في سوريا يوم الجمعة 11 يوليو، على خلفية حوادث عنف بين أبناء الطائفتين الدرزية والبدوية، وسط أنباء عن موجة اختطاف، من بينها اختطاف تاجر درزي بارز. واستمرت الاشتباكات طوال عطلة نهاية الأسبوع، ما دفع الحكومة المركزية يوم الاثنين إلى إرسال قوات الجيش إلى المنطقة.
غير أن الرد الإسرائيلي جاء سريعًا، حيث نفذت تل أبيب غارات في جنوب سوريا لمنع قوات دمشق من الوصول إلى المنطقة، تحت شعار "حماية الدروز". وفي اليوم التالي، أعلنت الحكومة السورية وقفًا لإطلاق النار، إلا أن الفصائل الدرزية الانفصالية رفضته. وعادت إسرائيل يوم الأربعاء لتقصف العاصمة دمشق، مستهدفة مبنى وزارة الدفاع، ليتكرر السيناريو ذاته: إعلان هدنة ثانية، لم تؤكده الجهات الرسمية، ورفضه "المجلس العسكري في السويداء"، أحد أبرز الميليشيات الدرزية في المحافظة.
واستمرت أعمال العنف وعمليات الخطف المتبادلة يومي الخميس والجمعة. ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن التصعيد الأخير أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 715 شخصًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق