اتفاق "وقف إطلاق النار" في قطاع غزة: تصفية القضية الفلسطينية تحت ستار الهدنة - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

اتفاق "وقف إطلاق النار" في قطاع غزة: تصفية القضية الفلسطينية تحت ستار الهدنة

اتفاق "وقف إطلاق النار" في قطاع غزة: تصفية القضية الفلسطينية تحت ستار الهدنة

الإيطالية نيوز، الأحد 6 يوليو 2025 - في قلب التحوُّلات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تلوِّح في الأفق مؤامرة تبدو أخطر من تلك حياتي بخبث في "كامب ديفيد"، وأعمق قبرًا من اتفاق "أوسلو" ، وأكثر حسمًا من كافة اتفاقيات التطبيع السَّابقة. ما يجري الإعداد له اليوم ليس مجرد هُدنة مؤقَّتة في قطاع غزة، بل هو – بحسب ما يبدو من تفاصيله المسرَّبة – اتِّفاق لتصفية القضية الفلسطينية برُمَّتها، وإنهاء أي أمل حقيقي بقيام دولة فلسطينية، أو حتَّى استمرار المقاومة.

تُسوق هذه المؤامرة تحت عنوان "وقف إطلاق النار" لمدة 60 يومًا في قطاع غزة، لكن خلف هذا العنوان البسيط تختبئ ألغام سياسية وأمنية تُهدِّد الوجود الفلسطيني بأسره. ما يجري اليوم هو إعادة هندسة للمنطقة عبر خطة مُحكَمة تتقاطع فيها مصالح الولايات المتحدة، وإسرائيل، وبعض الأنظمة العربية، بهدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط بزعامة إسرائيلية، يكون فيها «بنيامين نتنياهو»، بحكم الأمر الواقع، الحاكم الفعلي للمنطقة.


من خلال المجازر الوحشية، وحصار المياه، والكهرباء، والمساعدات، يجري ابتزاز المقاومة والفلسطينيين في غزة للوصول إلى هذه "الهدنة". المقصود لم يكن فقط إضعاف "حماس" أو الجهاد الإسلامي، بل تحطيم إرادة شعب بكامله، وتجويعه، وإرغامه على القبول باتفاق أشبه بالإذعان الكامل.


هذا الاتِّفاق، وفقًا لمصادر مقربة من المشهد، سيتضمَّن إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين، مقابل وقف مؤقَّت لإطلاق النار. لكن التجربة السابقة مع إسرائيل، والتي انتهكت مرارًا اتفاقاتها، تؤكِّد على أنَّ الهدنة ما هي إلا فخ لالتقاط الأنفاس والتمهيد لضربة قاصمة ضد المقاومة. يُراد لهذه التهدئة أن تكون مقدِّمة لحملة شاملة لتجريد غزة من مقاومتها، وإنشاء ميليشيات محلية مموَّلة من السُّلطة الفلسطينية بقيادة «محمود عباس» ومسلَّحة من إسرائيل لملاحقة بقايا فصائل المقاومة.


الأخطر من ذلك، أن هذه الهدنة تُستخدم كذريعة لإطلاق موجة جديدة من التطبيع العربي مع إسرائيل. الهدف النهائي هو تطويق ما تبقى من دول "الطوق" – سوريا ولبنان – باتفاقات سلام، وطمس معالم الصراع العربي-الإسرائيلي بالكامل. لقد أصبح واضحًا أن التطبيع لن يكون هذه المرَّة خيارًا فرديًا، بل جزءًا من حزمة مفروضة: وقف القتال في غزة، إطلاق سراح أسرى، مؤتمر حول "الدولة الفلسطينية"، ثم تسوية شاملة تفرض وقائع جديدة على الأرض، بينما تُمحى القضية الفلسطينية من الأجندة الدولية.


المفارقة المؤلمة أن هذا السيناريو يتم الإعداد له برعاية أمريكية مباشرةً، وبمشاركة جهات عربية ضعيفة وخانعة تتماهى تمامًا مع الرؤية الإسرائيلية: ليس لديها خيار أخر من اجل البقاء على كراسي الحكم والعيش في الثراء المطلق. والهدف الأكبر – في نهاية المطاف – هو ضرب إيران بعد تصفية المقاومة الفلسطينية واللُّبنانية، باعتبار طهران آخر من يقف في وجه المشروع الصهيوني الشامل في المنطقة.


في هذا السِّياق، ندرك أنَّ الضغط ليس فقط على المقاومة، بل على الوعي العربي ذاته. المطلوب هو تجريد الشعوب من كرامتها، وسحب أوراق القضية من أيدي أصحابها. هذه ليست هدنة، بل وثيقة استسلام يراد توقيعها للدخول في مشروع توسعي جديد يحدث في سلام تام.


لهذا، فإن المسؤولية الآن على عاتق حركات النضال، أن تُدرك أبعاد هذه المؤامرة. فالموافقة على هذا الاتفاق – سواء من باب التنازل أو تحت وطأة المجازر – لن توقف الحرب، بل ستفتح الباب لحرب أشمل تستهدف ما تبقى من الكرامة الفلسطينية والعربية. يجب أن نكون واضحين: هذه معركة وجود، وليست معركة شروط تفاوض.


الغاية المخطط لبلوغها من خلال هذه المناورة توريط العرب أكثر فاكثر حتى لا يتبقى إطلاقا أي أمل في ان يكونوا شركاء في تحرير فلسطين. وإذا كنا نعيش لحظة مفصلية، فإنَّ التاريخ لن يرحم من يوقِّع على شهادة وفاة قضيته بيديه. ولم يرحم من قرأ اطلع على قصة "أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض" ولم يستفيد من درسها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا