وردًّا على ذلك، استدعت وزارة الخارجية الإستونية السَّفير الرُّوسي على الفور، وندَّدت بما اعتبرته «انتهاكًا خطيرًا للسيادة الوطنية وللقانون الدولي». في المقابل، نفت موسكو بشدَّة الاتِّهامات، وأكَّدت وزارة الدفاع الروسية على أنَّ المقاتلات كانت تُنفِّذ رحلة مُبرمَجة من "كاريليا" إلى "كالينينغراد" عبر مسارات دولية فوق المياه المحايدة في بحر البلطيق، مشيرةً إلى أنَّ الطائرات لم تنحرف عن المسار المتَّفق عليه، ولم تقترب من الجزيرة الإستونية بأقل من ثلاثة كيلومترات.
ورغم النفي الروسي، شدَّدت "تالّين" على أنَّ ما جرى يمثل «جُرأة غير مسبوقة»، منبِّهةً إلى أنَّها رابع حادثة مماثلة منذ بداية عام 2025. وزير الخارجية الإستوني «مارغوس تساخنا» وصف الحادثة بأنها «غير مقبولة إطلاقًا»، وأعلن رسميًا تفعيل المادة الرابعة من ميثاق حلف شمال الأطلسي، داعيًا إلى مشاورات عاجلة. وقد استجاب مجلس الحلف بدعوة لاجتماع مطلع الأسبوع المقبل.
Moscow thinks it can keep its war going.
— Kaja Kallas (@kajakallas) September 19, 2025
We are making sure it pays the price for it.
Today, we present our 19th sanctions package. Every sanction reduces the Kremlin’s ability to wage war.
We won’t stop putting pressure on Russia until it ends its war.
من ناحية أخرى، في بروكسل، قلب الاتحاد الاوروبي، صدرت مواقف قوية بعد ساعات من إقرار الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات على موسكو. الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي «كايا كالاس» وصفت الحادثة بأنها «استفزاز بالغ الخطورة»، معتبرةً أنها اختبار لمدى استعداد الغرب للرَّد. من جانبها، تعهَّدت رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» بأنَّ «أوروبا ستردُّ على كل استفزاز»، فيما أكد رئيس المجلس الأوروبي «أنطونيو كوستا» على أنَّ المسألة ستُناقَش جماعيًا في القمة غير الرَّسمية المقبلة في "كوبنهاغن" (عاصمة الدنمارك) مطلع أكتوبر.
Europe stands with Estonia in the face of Russia’s latest violation of our airspace.
We will respond to every provocation with determination while investing in a stronger Eastern flank.
As threats escalate, so too will our pressure.
I call on EU leaders to swiftly approve our…
من جهته، وصف وزير الخارجية الإيطالي «أنطونيو تاياني» الحادثة بأنها «انتهاك غير مقبول لمجال جوي أوروبي، وبالتالي لمجال جوي تابع للاتحاد الأوروبي والناتو». أمَّا وزير الدفاع الإيطالي «غويدو كروزيتّو»، فاعتبر أن «وزير الدفاع عليه أن يتوقَّع الأسوأ عندما تصبح الأوضاع على حافة الجنون»، مشيرًا إلى إعداد خطط لوجستية لمواجهة احتمالات عسكرية، تشمل أيضًا تعزيز قدرات الدفاع السيبراني. وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» إن «الانتهاك الروسي للمجال الجوي الإستوني قد يشكِّل مشكلة كبيرة».
ويتضح من خلال كل هذه التطورات السيئة النوايا والتقديرات؟ ووسط تبادل الاتهامات والنفي، تتفاقم أجواء التوتُّر بين روسيا والحلف العسكري الغربي "الناتو". ففيما ترى دول البلطيق نفسها خط الدفاع الأول أمام «الاستفزازات الروسية»، تتَّهم موسكو الغرب بفبركة أجواء مواجهة جديدة على غرار الحرب الباردة. وقد شهدت الأسابيع الأخيرة عدَّة اتِّهامات ثبت لاحقًا ضعفها أو عدم صحَّتها، مثل سقوط حطام صاروخ بولندي على منزل في "لوبلين" بعد أن اعتُبر خطأً «هجومًا روسيا»، أو ما أشيع عن تعطيل نظام الملاحة في طائرة «فون دير لاين»، ليتبين لاحقًا أنه لم يقع أصلا.
ويرى مراقبون أنَّ تكرار اتِّهامات بلا أدلَّة دامغة يضعف مصداقية الغرب ويزيد من خطر الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة، إذ تتحوَّل «التصورات» إلى حقائق سياسية تُغذِّي سباق التسلُّح والتعبئة الإعلامية. حادثة إستونيا الأخيرة تبدو حلقة جديدة في سلسلة من التوتُّرات التي تدفع شرق أوروبا نحو مزيد من العسكرة، وتُحوِّل أي حادثة عرضية إلى ذريعة محتملة لمواجهة عسكرية أوسع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق