ثلاث مصافٍ أوروبية تعتمد على النفط الروسي تتعرض لانفجارات غامضة - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

ثلاث مصافٍ أوروبية تعتمد على النفط الروسي تتعرض لانفجارات غامضة

ثلاث مصافٍ أوروبية تعتمد على النفط الروسي تتعرض لانفجارات غامضة

الإيطالية نيوز، السبت 25 أكتوبر 2025 – شهدت ثلاث مصافٍ أوروبية خلال ثلاثة أيام متتالية انفجارات متشابهة طالت منشآت مرتبطة بالنفط الروسي، في كلٍّ من «بلويشت» في رومانيا، و «سازهالومباتا» في المجر، و «براتيسلافا» في سلوفاكيا.


وتربط خيوط واحدة بين الحوادث الثلاثة، إذ تعتمد جميع هذه المصافي على الخام الروسي، وجاءت الانفجارات في توقيت بالغ الحساسية ضمن ما يُوصَف بـ«الحرب الطاقوية» الدَّائرة حاليًا.


وتزامنت هذه التطوُّرات مع إعلان واشنطن فرض حزمة جديدة من العقوبات على عملاقي الطاقة الروسيين «روسنفت» و«لوك أويل»، وهو ما وصفه الرئيس «فلاديمير بوتين» بأنَّه «عمل عدائي»، فيما أقرَّ الاتحاد الأوروبي حظرًا على الغاز الروسي واعتمد الحزمة التاسعة عشرة من الإجراءات العقابية ضد موسكو، لكنَّه تريَّث في مسألة استخدام الأصول الروسية المجمَّدة.


وفي خضمِّ هذه التوتُّرات، أتت الانفجارات «الغامضة» لتضرب البنية التحتية التي كانت تُؤَمِّن لأوروبا آخر هوامش استقلالها في مجال الطاقة، وسط تساؤلات متزايدة حول أسباب تلك الحرائق التي م

لا تزال «غير مبرَّرة».


الإعلام الرسمي يقلل من شأن الانفجارات 

قلَّلت وسائل الإعلام الرَّسمية من شأن سلسلة الانفجارات التي طالت ثلاث مصافٍ أوروبية، ووصفتها بأنها «حوادث تقنية»، إلَّا أن الانطباع السّائد يشير إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، إذ يُرجَّح أن تكون جزءًا من استراتيجية تخريب ممنهَجة، تشبه تلك التي استهدفت قبل ثلاثة أعوام أنابيب «نورد ستريم» في بحر البلطيق.


ويصف مراقبون ما يجري بأنه «حرب صامتة» موازية للعمليات العسكرية على الأرض، لا تستهدف موسكو فحسب، بل أيضاً الدول التي لا تزال تحافظ على قنوات إمداد مع روسيا، في محاولة لإعادة رسم خريطة موازين القوى في القارة الأوروبية.


وفي تسلسل الأحداث، وقع في 20 أكتوبر انفجارٌ كبير دمَّر مصفاة «بلويشت» في رومانيا، المملوكة لشركة «لوك أويل أوروبا» التابعة لعملاق الطاقة الروسي الخاضع حاليًا لعقوبات أمريكية.


 وبعد ساعات فقط، شبَّ حريق في منشأة «سازهالومباتا» المجرية، وهي أكبر مصفاة في البلاد تقع على ضفاف «نهر الدانوب»، على بُعد أقل من 20 كيلومترًا من «بودابست»، وتعتمد على النفط القادم عبر خط «دروجبا».


وبعد يومين، هزَّ انفجار ثالث منشأة أخرى في «براتيسلافا»، عاصمة سلوفاكيا، تابعة لمجموعة «مول» المجرية ذاتها التي تضرَّرت منشأتها في «سازهالومباتا»، وتعتمد بدورها على الخام الروسي المنقول عبر الخط نفسه.


وفي أعقاب هذه التطوُّرات، التقى رئيس الوزراء المجري «فيكتور أوربان« بقيادات شركة «مول»، مؤكِّدًا في مقابلة مع إذاعة «كوشوت» على أنَّ بلاده تعمل على إيجاد آلية «للتحايل» على العقوبات الأمريكية المفروضة على شركات النفط الروسية.


وقد عارضت كلٌّ من «بودابست» و«براتيسلافا» قرار وقف واردات الغاز الروسي، إذ تعتمد الدولتان بشكل كبير على الإمدادات القادمة من موسكو وتخشيان تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة. ووصفت الحكومة المجرية خطة الحظر بأنَّها «تهديد مباشر للأمن الطاقوي الوطني»، فيما طلبت سلوفاكيا مهلة أطول للتكيُّف مع القرارات الأوروبية الجديدة.


ثلاثة انفجارات في 72 ساعة 

ثلاثة حوادث خلال 72 ساعة هزَّت المصافي الواقعة على طول الممرّ الطاقوي الذي ينقل النفط الروسي إلى أوروبا الوسطى. ما يجمع بين هذه المنشآت الثلاث أنها جميعًا تُكرِّر نفطًا مصدره روسيا، وأنَّها تعرَّضت لانفجارات «عرضية» في وقت تتزايد فيه هجمات الطائرات المسيّرة الأوكرانية على المصافي داخل الأراضي الروسية.


وكما قال الكاتب البريطاني «آرثر كونان دويل»: «دليل واحد هو مجرد دليل، ودليلان مصادفة، أما ثلاثة أدلة فتعني وجود برهان»، وهو قول يبدو مناسبًا لوصف ما جرى — إذ تبدو سلسلة الانفجارات الأخيرة مترابطة على نحو يصعب اعتباره محض صدفة.


فالحوادث تزامنت بدقَّة لافتة مع إعلان الولايات المتحدة عن حزمة جديدة من العقوبات، ومع ارتفاع أسعار "خام برنت»، في توقيتٍ اعتبره مراقبون «مثاليًا أكثر ممَّا ينبغي» وأثار تساؤلات حول حقيقة ما جرى في تلك المصافي.


ويشير محللون إلى أن الطائرات المسيّرة التي استهدفت في السابق الفرع الجنوبي من خط أنابيب «دروجبا» – الذي يغذّي كلاً من المجر وسلوفاكيا – تجنّبت بدقة القسم المتجه إلى بولندا، الحليف الأطلسي الوثيق للولايات المتحدة.


وفي حال تأكدت فرضية التخريب، كما يعتقد عدد متزايد من المراقبين، فإن الهدف لن يكون روسيا وحدها – التي تأثرت بشكل محدود – بل أوروبا نفسها، التي تفقد تدريجياً ما تبقّى لها من استقلال سياسي وطاقوي.


ويقول مراقبون إن الخط الفاصل أصبح واضحا: معاقبة الدول الأوروبية التي تحاول اتباع سياسة طاقوية مستقلة، واستهداف من يحتفظ بعلاقات مع موسكو، ودفع البقية إلى الاصطفاف مجدداً تحت المظلّة الأمريكية.


ما يُسمى «عقيدة تاسك-سيكورسكي» تزوّد الفرضية بخيطٍ استدلالي.. واتهامات بتبرير التخريب داخل أوروبا

يدعم ما سبق طرحُ ما يسميه «جياناندريا غياني» بـ«عقيدة تاسك-سيكورسكي»، نسبةً إلى رئيس الوزراء والوزير الأول للشؤون الخارجية البولنديين، اللذين بدآ عمليًا بتقنين شرعية استهداف البنى التحتية التي تمثّل — حتى بصورة غير مباشرة — مصالح روسية داخل أوروبا. وبصيغة مختصرة لتلك الفكرة، يعتبرون أن تخريب بنى تحتية مرتبطة بروسيا ليس جريمة بل فعل مشروع دفاعًا عن المصالح الوطنية.


تبرير من هذا النَّوع يفتح الباب أمام تبرير أعمال إرهابية على الأراضي الأوروبية طالما أن أهدافها تصَدُفُ مصالح روسية — حتى لو كانت تلك الأهداف تشكّل بنىً إستراتيجية لدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، تثار دلالات تصريحات رئيس الوزراء البولندي «دونالد تاسك»، مثل قوله: «المشكلة في نورد ستريم 2 ليست أنه فُجِّر، بل أنه بُني». كما أن «وارسو»، التي احتفت في 2022 بتغريدة« لِـ «رادسواف سيكورسكي» ثم حذفتها، والتي كانت تُشيد بتدمير أنابيب «نورد ستريم» بعبارة «شكرًا أميركا!» — تبدو اليوم وكأنَّها تمنح شرعية ضمنية لهجمات مماثلة.

/span>

وفي الأيام الأخيرة دعا وزير الخارجية البولندي علانيةً الأوكرانيين إلى استهداف أنبوب النفط «دروجبا»، مُعبِّرًا في منشور على منصة X عن أمله في أن يُعطِّل قائد قوات الطائرات المسيرة الأوكرانية، «روبرت بروفدي»، خط «دروجبا»، مع الإشارة إلى أن النفط للمجر قد يُموَّن لاحقًا عبر كرواتيا. الرسالة واضحة ومباشرة: استهداف مصافٍ أو أنابيب نقل نفط أو غاز المرتبطة بالمصالح الروسية مُقبل عليه ومبرَّر.


هذه المواقف تفتح بابًا واسعًا للتصرُّفات التعسُّفية، وتضع أوروبا على حافَّة خطرة حيث تتحوَّل الأمنية الطاقية إلى أداة حرب سياسية، وتتعرَّض سيادتها وحريتها في صياغة سياسات طاقية مستقلَّة لضغوط وإكراهات متزايدة.


العقوبات على النفط الروسي تعيد رسم خريطة القارة وتخدم مصالح الطاقة الأمريكية

النتائج باتت جليَّة للعيان. فالمغزى الحقيقي للعقوبات المفروضة على النفط الروسي لا يبدو محصورًا في معاقبة موسكو بقدر ما يهدف إلى إعادة تشكيل القارَّة الأوروبية ومنح ميزة تنافسية لصناعة الطاقة في الولايات المتحدة.


ليس من قبيل المصادفة أن تكون كلفة الطاقة في أوروبا اليوم أعلى بثلاثة أضعاف ونصف مما هي عليه في الولايات المتحدة، في وقت تُغلق فيه المصانع الأوروبية أو تنقل إنتاجها إلى الخارج، بينما تتعمَّق تبعية القارة للغاز والنفط القادمَين من «الحلفاء» يومًا بعد يوم.


المصافي التي دمَّرتها الانفجارات الأخيرة ليست مجرَّد منشآت طاقوية تضرَّرت، بل رموز لتوازن يسعى البعض إلى تدميره. وإذا ثبت أن الانفجارات التي وقعت في رومانيا والمجر وسلوفاكيا لم تكن حوادث عرضية بل أعمال تخريب مدبَّرة، فإنَّها تُدرج في السياق نفسه لهجمات أنابيب «نورد ستريم»، وتُعدّ محاولة لإعادة توجيه موازين القوى داخل القارة عبر إعادة تعريف سياساتها الطاقوية.


الهدف، وفقًا لمحلِّلين، هو تقليص نفوذ الدول المؤسِّسة للاتحاد الأوروبي — وعلى رأسها ألمانيا، التي كانت حتى وقت قريب مرتبطة مباشرة بروسيا عبر خط «نورد ستريم» — مقابل تعزيز نفوذ الدول الأحدث انضمامًا إلى الاتحاد، ولا سيما تلك التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع واشنطن.


وفي خضم هذه «الحرب الطاقوية» التي لا إعلان رسمي لها ولا جبهات معلنة، يبدو أن أوروبا ماضية نحو خطر التحوُّل من لاعب رئيسي في المشهد الدولي إلى مجرد ساحة صراع تُدار فوق أرضها معارك الأخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا