شعوب أوروبا مع أسطول الصمود، بينما قادتها يلتزمون الصمت - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

شعوب أوروبا مع أسطول الصمود، بينما قادتها يلتزمون الصمت

شعوب أوروبا مع أسطول الصمود، بينما قادتها يلتزمون الصمت

الإيطالية نيوز، الخميس 2 أكتوبر 2025 –  عَمَّت مساء الأربعاء، وبعد وقت قصير من اعتراض البحرية الإسرائيلية أسطول الصمود العالمي، المظاهرات والمسيرات التضامنية مختلف الساحات الأوروبية. في العواصم والمدن الكبرى، خرجت جموع المواطنين في مسيرات عفوية للتنديد بالاعتداء على السفن المحمّلة بالمساعدات الإنسانية المتَّجهة إلى قطاع غزة، والمطالبة بوقف التواطؤ مع طغمة الاحتلال الصهيوني ووضع حد للإبادة الجارية في القطاع الفلسطيني المحتل. ومع ذلك، لم يصدر عن معظم القادة الأوروبيين حتّى الآن أي تصريح رسمي بشأن ما يحدث.


لم تكن هذه الاحتجاجات ثمرة دعوات من قوى سياسية كبرى، بل جاءت استجابة مباشرة للأخبار حول عملية القرصنة البحرية. ففي روما وباريس وبرلين ومدريد وأثينا وبروكسل، شارك عشرات الآلاف في مسيرات وأضواء شموع، وتَجمَّعوا أمام سفارات للمطالبة بعدم تجاهل مأساة قطلع غزة المحاصرة. في باريس، احتشد المتظاهرون في ساحة الجمهورية مطالبين بالإفراج عن طواقم السفن التي اعترضتها القوات الإسرائيلية؛ وفي برلين أحاط المتظاهرون بمحطة القطار المركزية رافعين شعار «فلسطين حرة» على نطاق واسع؛ أما في بروكسل فقد احتل المحتجون ساحة البورصة. وشهدت برشلونة وإسطنبول احتجاجات ضخمة أمام القنصليات الإسرائيلية، بينما تظاهر أخرون في أنقرة أمام القنصلية الأمريكية. أما في إيطاليا، فقد أفادت التقارير بخروج مسيرات في 35 مدينة بالتزامن، شارك فيها طلاب ونقابات وأسر، لتشكِّل مشهدًا متنوِّعًا من الغضب الشعبي.


في ميلانو، أُضيء مقر "البيريلوني" بعبارة «حرِّروا غزة»، وسار المحتجون من ساحة "لا سْكالا" نحو محطة القطار "كادورنا"، وصولًا إلى احتلال سكك الحديد. وفي بولونيا (عاصمة إقليم إيميليا رومانيا، وسط إيطاليا) توجَّهت المسيرة نحو مقر المحافظة مطالبةً باستقالة الحكومة. أمَّا في روما، فقد احتشد المتظاهرون قرب محطة "تيرميني" محاولين التقدّم باتجاه "بالاتسو كيدجي"، مقر رئاسة الوزراء. وفي نابولي، اقتحم طلاب ونشطاء التجمُّع الجامعي المستقل سكك محطة القطارات المركزية، ما أدّى إلى تعطيل مؤقت لحركة القطارات، قبل أن يتجهوا لاحقاً إلى كلية الآداب والفلسفة بجامعة "فيديريكو الثاني". مشاهد مشابهة سُجلت في تورينو حيث أُغلق المدخل الرئيسي لمحطة "بورتا نْوُفا"، مع احتلال كلية العلوم الإنسانية في "بالاتسو انوُفو" (جامعة الدراسات الإنسانية). كما اقتحم نحو 500 متظاهر سكك محطة بيزا، بينما نظم تنسيقية ماركي من أجل فلسطين اعتصامات ثابتة في أنكونا. وامتدت الموجة إلى باليرمو وجنوى وفلورنسا ولاسبيتسيا وليفورنو ولودي وسيينا وبادوفا وترييستي وفورلي، تحت شعار: «نحن مستعدون لإيقاف كل شيء».

هذه التحرُّكات تبرز أن العملية البحرية لم تكن حادثًا منفردًا، بل جزءًا من مواجهة متصاعدة في المتوسِّط، وأن مهمَّة الأسطول تُعتبر تحدِّيًا سياسيًا ورمزيًا واضح المعالم، هدفه المعلَن كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وإيصال مساعدات إنسانية أساسية. وكانت بعض السفن قد أبلغت في الأيام الماضية عن هجمات عبر طائرات مسيّرة أو عبر أنظمة تشويش على الاتصالات.

لكن الفجوة بين الحراك الشعبي والموقف الرسمي تبدو صارخة. فالحكومات الأوروبية، رغم حجم الاحتجاجات، التزمت حذَرًا دبلوماسيًا محرِجًا لمواطنيها. في كوبنهاغن، انشغل قادة الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم للجدار المضاد للطائرات المسيّرة وبإقرار قرض لأوكرانيا بأموال روسية مجمَّدة، من دون أي تعليق على الاعتداء الصهيوني. أمَّا في إيطاليا، فقد اقتصر الأمر على تكليف الشرطة بإدارة الوضع الأمني، بينما التزمت الحكومة صمتًا مطبقًا حيال المظاهرات، مكتفيةً بخطاب دبلوماسي باهت ومتردِّد. وزير الخارجية «أنطونيو تاياني» اكتفى بالإشارة إلى اتصاله بنظيره الإسرائيلي لبحث وضع المواطنين الإيطاليين المحتجزين على متن الأسطول، من دون التعليق على الاحتجاجات، بل وأشاد بعملية الاعتراض التي وصفها بأنها «سلمية ومن دون عنف»، مؤكدا أنها جرى الإعداد لها عبر إجراءات تدريجية انطلقت من السفينة الأم «ألما».


من جانبها، اعتبرت رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني» من كوبنهاغن أنَّ مهمة الأسطول «خطوة خطيرة وغير مسؤولة في هذه المرحلة»، مُلَمِّحةً إلى أنَّ «معاناة الشعب الفلسطيني» قد لا تكون «الأولوية». وبينما كانت الأزمة محتدمة، نشرت «ميلوني» على منصة «إكس» رسالة تهنئة بـ«عيد الأجداد» مرفقة بصورة مع جدَّتها، ولم تُعلِّق على الاعتداء إلا بعد أكثر من 12 ساعة، مكتفية بتكرار معارضتها للمهمة. في المقابل، التزم وزير النقل «ماتيو سالفيني» الصمت، بينما كان يدرس فرض قيود على الإضراب العام المقرَّر في 3 أكتوبر.


خارج إيطاليا، طلب رئيس الوزراء السويدي «أولف كريسترسون» من الناشطة البيئية «غريتا تونبرغ» العودة إلى بيتها، فيما دعا رئيس الحكومة الإسبانية «بيدرو سانشيز» إسرائيل إلى عدم اعتبار المهمة «تهديداً»، مؤكداً أنها «عمل إنساني». لكن هذه المواقف بقيت معزولةً، في وقت وصفت حكومات عدة، من تركيا إلى كولومبيا، اعتراض الأسطول بأنه «عمل إرهابي».


في هذا السياق، يزداد وقع الصمت الأوروبي ثقلًا: ففي مواجهة تحرُّكات عابرة للحدود شارك فيها مئات الآلاف مطالِبين باحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، لا تخرج مواقف العواصم الأوروبية سوى ببيانات باهتة وحيادية. هذا الفراغ السياسي يعرض حكومات أوروبا لاتِّهام ضمني: التواطؤ بالصمت والتقصير. فيما تبقى الساحات الشعبية مُصمِّمةً على أنَّ الصَّمت لن يكون غطاءً للهروب من المسؤولية.

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا