الهند تبدأ تجارب لتلقيح السحب أملاً في الحد من التلوث - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

الهند تبدأ تجارب لتلقيح السحب أملاً في الحد من التلوث

الهند تبدأ تجارب لتلقيح السحب أملاً في الحد من التلوث

الإيطالية نيوز، السبت 8 نوفمبر 2025 – عادت العاصمة الهندية نيودلهي إلى صدارة الأخبار بسبب تدهور جودة الهواء الذي يتنفسه سكانها. فمع وصول مستويات التلوث إلى معدلات حرجة، شرعت السلطات المحلية في تجارب لتلقيح السحب بالتعاون مع المعهد الهندي للتكنولوجيا (IIT) في كانبور، في محاولة لتحفيز هطول أمطارٍ اصطناعية تساعد على "غسل" الضباب الدخاني الذي يخنق المدينة.


وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطوة إلى معالجة الأزمة البيئية المتفاقمة، غير أن الخطوة أثارت جدلا واسعا حول فعالية هذه التقنية على المدى القصير، خاصة في ظل كون التلوث في العاصمة الهندية مشكلة مزمنة ذات جذور بنيوية وتاريخية.


وبحسب ما أوردته وسائل إعلام هندية، بدأت المبادرة فعليا في 28 أكتوبر 2025 من خلال أول رحلة تجريبية، وذلك بعد أسابيع متواصلة تجاوز خلالها مؤشر جودة الهواء (AQI) في نيودلهي بكثير الحدّ الذي يُعتبر “خطيرا”.


وأُجريت لاحقا رحلتان إضافيتان على الأقل فوق أجواء العاصمة، فيما يُتوقّع تنفيذ مزيد من الطلعات خلال الأسابيع المقبلة. وقد بلغت كلفة الخطة نحو 400 ألف دولار أميركي، وتشمل استخدام طائرات لرشّ مواد مثل يوديد الفضة وكلوريد الكالسيوم داخل السحب. وتعمل هذه المواد كنوى تكاثف تُسرّع عملية تشكّل قطرات المطر، ومن هنا جاءت تسمية العملية بـ “تلقيح السحب”.


إلا أن الاختبارات الأولى واجهت صعوبات تقنية، إذ أدت انخفاض مستويات الرطوبة في الجو إلى فشل المحاولات المبدئية في تحقيق النتائج المرجوة.


كشف تقرير صادر عن مكتب وزير البيئة في دلهي، «مانجيندر سينغ سيرسا»، وبالتعاون مع المعهد الهندي للتكنولوجيا في «دلهي» (IIT-Delhi)، عن تشكّكات جدية بشأن فعالية تقنيات تلقيح السحب.


وبحسب التقرير، الذي تناولته أيضا مجلة «نيتشر» (Nature) العلمية، فإن الظروف المناخية الشتوية في دلهي غير ملائمة لتطبيق عمليات تلقيح سحب “منتظمة وفعّالة”.


ويرى خبراء بيئيون أن هذه التجربة لا تعدو كونها “حيلة مكلفة” لا تعالج جذور أزمة التلوث، بل تمثل إجراءً إسعافياً مؤقتاً يفتقر إلى الاستدامة. كما يحذر الخبراء من أن الآثار الجانبية المحتملة لهذه التقنية — على المدىين المتوسط والبعيد — لا تزال غير معروفة بالكامل، وفق ما أوردته صحيفة «ل’إنديبندنتي» (L’Indipendente) في تحقيق موسّع حول الموضوع.


أزمة تلوّث الهواء في دلهي ليست ظاهرة طارئة، بل تمثّل نتيجة تراكمية لعقودٍ من النموّ العمراني غير المنضبط، تفاقمت بفعل موقع العاصمة الهندية داخل حوض جغرافي مغلق يحتجز الهواء البارد والضباب الدخاني، خصوصاً خلال فصل الشتاء.


ولا يُعدّ التلوّث الجوي كارثة بيئية فحسب، بل يضرب الاقتصاد والصحة العامة على حدّ سواء. فالضباب السام يقلّل من مدى الرؤية، ما يتسبّب في تأخيرات في حركة النقل ويؤدي إلى تراجع إنتاجية العمال بسبب الأمراض المرتبطة بتردّي جودة الهواء.


وتشير منظمة الصحة العالمية (WHO) في تقاريرها إلى أن نيودلهي من أكثر مدن العالم تلوّثاً، إذ ترتبط الجسيمات الدقيقة (PM 2.5) المنتشرة في هوائها بالإصابة بأمراض تنفسية مزمنة، فضلاً عن انخفاض متوسّط العمر المتوقع بما يصل إلى عشر سنوات في بعض المناطق.


ويرى مراقبون أن اللجوء إلى تلقيح السحب يعكس عجزاً سياسيا عن معالجة المشكلة من جذورها، إذ تتجاوز أبعادها الحدود الإدارية والانتخابية. وفي أحسن الأحوال، قد توفّر هذه التقنية راحة مؤقتة وهشة، بينما يظلّ الحل الحقيقي مرهوناً بسياسات بيئية وصناعية مستدامة تعالج سمّية الهواء من أساسها.


تُستخدم تقنية تلقيح السحب الاصطناعي بشكل تجريبي في عدد من دول العالم، إلا أن الإمارات العربية المتحدة تُعد من أبرز الدول النشطة في هذا المجال. ففي العام الماضي، أدّت تجارب مماثلة أجرتها السلطات الإماراتية إلى هطول أمطار غزيرة غير مسبوقة مصحوبة بعواصف بَرَدٍ كثيفة، ما تسبّب في شلل مؤقت لمدينة دبي نتيجة الفيضانات المفاجئة التي أعقبت تلك التجارب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا