ويُحذّر التَّقرير من أنَّ كل متجر يُغلَق يعني خدمات أقل للسكَّان، ومستوى أدنى من الأمان، وتراجعًا في تماسك النَّسيج الاجتماعي.
وتبدو التوقُّعات للمستقبل مُقلِقة؛ إذ تشير «كونفُكومِرتشو» إلى أنَّه في حال عدم تَبنّي سياسات فعّالة لإعادة إحياء المراكز الحضرية، فقد تَختفي 114 ألف منشأة تجارية إضافية بحلول عام 2035، أي ما يزيد على خمس العدد الحالي.
في هذا الصدد، تُظهر البيانات التي أَعدَّها مُعِدّو الدراسات في اتحاد «كونفكومرتشو» صورة شديدة القتامة. فحاليًا تعمل في إيطاليا 534 ألف مؤسَّسة في قطاع التجارة بالتجزئة، بينها نحو 434 ألف متجر ثابت و71 ألف نشاط تجاري متنقِّل. إلَّا أنّ المقارنة مع عام 2012 تكشف تراجعًا حادًّا: فقد أُغلِق ما يقرب من 118 ألف متجر ثابت إضافةً إلى نحو 23 ألف نشاط التجار المتنقِّلون.
ويُعزى هذا الانهيار إلى ضعف نمو الاستهلاك الداخلي، وتغيُّر سلوك الإنفاق لدى الإيطاليين، وكذلك الصعود الكبير للتجارة الرقمية التي سجَّلت في الفترة نفسها نموًا بنسبة %114.9، مع زيادة تفوق 16 ألف شركة تنشط عبر الإنترنت أو بنظام البيع بالمراسلة.
لم تتأثَّر جميع القطاعات بالوتيرة نفسها. فقد سجَّلت أكبر الانكماشات لدى محطات توزيع الوقود التي تراجعت بنسبة %42,2، تليها الأنشطة الثقافية والترفيهية (%34,5-)، ثم التجارة غير المتخصصة (%34,2-)، ومحال الأثاث والأدوات المنزلية والحديدية (%26,7-)، إضافة إلى متاجر الملابس والأحذية التي تقلّصت بنسبة %25.
وفي الاتِّجاه المعاكس تمامًا، يُعدّ قطاع الإقامة والمطاعم الاستثناء الوحيد، مسجِّلًا نموًا بنسبة %5,8 مع إضافة نحو 18 ألف نشاط جديد، مدفوعًا بالارتفاع الملحوظ في مجال المطاعم الذي قفز بنسبة %17,1.
أمّا الفنادق التقليدية فقد تراجعت بنسبة %9,5، في حين شهدت أشكال الإقامة البديلة – مثل بيوت الضيافة وB&B – طفرة هائلة بلغت %92,1، مستفيدة من زيادة أعداد السائحين وتغيُّر أنماط الاستهلاك وانتشار المنصَّات السياحية الحديثة.
كما أنَّ التوزيع الجغرافي للظاهرة يُظهر تفاوتًا واضحًا. فمن حيث الأعداد المطلقة، تُعد «لومبارديا» و «فينيتو» و «بييمونتي» أكثر المناطق تضرُّرًا. أمّا عند قياس التأثير نسبةً إلى حجم الشبكة التجارية في كل منطقة، فتبرز المعاناة الأكبر في «فالي داوستا» و «فريولي فينيتسيا جوليا» و «ليغوريا»، وهي أقاليم صغيرة تعاني هشاشة أكبر في بنيتها التوزيعية.
وعلى صعيد البلديات ذات الكثافة التجارية المنخفضة، تظهر مدن «فيوميدجونو» و «ترينتو» و «تشينيزيلّو بالْسمو» و «سيستو سان جوفانّي» و «أنكونا» ضمن الأكثر تراجعا. وتشير البيانات إلى أنّ المدن المتوسطة والكبيرة في وسط وشمال البلاد أكثر عرضة للتأثر، ويرتبط ذلك بالاستخدام الواسع للتجارة الإلكترونية في هذه المناطق.
وفي المقابل، يبدو التراجع أكثر محدودية في بعض مناطق الجنوب، بسبب انخفاض انتشار التسوُّق عبر الإنترنت هناك، إلى جانب التراجع الديمغرافي المستمر الذي يؤثِّر بشكل مختلف على ديناميات السوق المحلية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق