بقلم: البروفيسور «فؤاد عودة»
أربع مراحل لتاريخ طويل من الهجرة الصحية
الهجرة الصحية في إيطاليا ليست حدثاً طارئاً. إنها سلسلة متواصلة من أربع مراحل، بدأت من سبعينيات القرن الماضي، مروراً بمرحلة دول أوروبا الشرقية بعد سقوط جدار «برلين»، ثم موجة متخصصي الربيع العربي، وصولاً إلى المرحلة الرابعة التي نعيشها منذ مرسوم "كورا إيطاليا" ثم مرسوم أوكرانيا.
الهجرة الصحية ليست خطراً… بل فرصة
لقد أثبت المتخصصون الأجانب خلال الجائحة – وبعدها – أنهم ليسوا مجرد "سدّ للنقص"، بل شركاء فعليون في إنقاذ النظام الصحي، سواء في غرف الطوارئ أو وحدات العناية المركزة أو دور المسنين.
وبالرغم من هذا… ما زالت البيروقراطية تعرقل المسار
المفارقة أن آلاف المهنيين الذين دخلوا بشكل قانوني عبر المراسيم الاستثنائية لا يزالون محاصرين بإجراءات الاعتراف بالمؤهلات.
بعضهم يعمل بنصف كفاءته، وبعضهم انسحب بالكامل من سوق العمل، وآخرون ينتظرون دورهم في طوابير طويلة لدى وزارة الصحة.
فهل من المنطقي أن تفتح الدولة أبوابها للكوادر الصحية في لحظة طوارئ… ثم تتركهم عالقين عندما تنتهي الأزمة؟
تنوّع صحي… يعني نظاماً صحياً أقوى
الإحصاءات تعكس ثراء الخلفيات الثقافية:
-
ممرضون من أوكرانيا ورومانيا ومولدوفا والفلبين والهند وبنغلاديش وأمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا؛
-
وأطباء من مصر وسوريا ولبنان وتونس والمغرب والجزائر والهند وباكستان وأوكرانيا وإيران ودول أخرى.
هذا التنوع لا يصنع فقط قوة مهنية، بل يصنع رعاية صحية متعددة الثقافات، قادرة على التواصل مع مجتمعات مهاجرة واسعة داخل إيطاليا نفسها.
الصحة العالمية… ليست شعاراً بل مستقبل
-
كل طبيب أو ممرض أجنبي يعمل في إيطاليا هو سفير للرعاية الصحية العالمية.
-
وكل نظام صحي منفتح على الكفاءات هو نظام قادر على مواجهة المستقبل.
-
أما البيروقراطية، فهي الخطر الحقيقي، لأنها تهدر المواهب وتكسر الحافزية وتضعف القدرة على الاستجابة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق