تقرير..هجرة الطلَّاب والخرِّيجين تُكلِّف جنوب إيطاليا أكثر من 4 مليارات يورو سنويًا - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

تقرير..هجرة الطلَّاب والخرِّيجين تُكلِّف جنوب إيطاليا أكثر من 4 مليارات يورو سنويًا

تقرير..هجرة الطلَّاب والخرِّيجين تُكلِّف جنوب إيطاليا أكثر من 4 مليارات يورو سنويًا

الإيطالية نيوز، الإثنين 17 نوفمبر 2025 – يكشف تقرير مشترك صادر عن «تشينسيس» و«كونفكواتيف» أن نحو 134 ألف طالب و36 ألف خريج يغادرون جنوب إيطاليا سنويا باتجاه مناطق أخرى، في موجة هجرة داخلية تترك تداعيات اجتماعية واقتصادية عميقة، وتكبّد المنطقة خسائر تتجاوز 4 مليارات يورو.


ويحدّد التقرير، الصادر تحت عنوان «الجنوب.. الهروب الكبير»، ملامح ما يصفه بـ«النزيف الصامت»، وهو أحد الوجوه المستمرة منذ عقود لـ«المسألة الجنوبية» التي لا تزال بلا حلول جذرية.


وتؤدي هذه الهجرة التعليمية في مرحلتها الأولى إلى تراجع التمويل المخصّص لجامعات الجنوب، لصالح جامعات وسط وشمال البلاد، حيث ترتفع الرسوم الدراسية بشكل يثقل كاهل الأسر. كما تتضاعف الخسائر مع انتقال الخرّيجين إلى سوق العمل خارج مناطقهم، إذ يساهم الشباب ذوو الكفاءات العالية—الذين تم إعدادهم بموارد جنوبية—في رفد اقتصادات أخرى بالمهارات التي اكتسبوها.


يقول ماوريتسيو غارديني، رئيس اتحاد «كونفكواتيف»: «هناك قطار يغادر جنوب إيطاليا كل يوم. يحمل الأحلام والمواهب والمستقبل، لكنه لا يعود أبداً. إنّه انتقال مستمر للثروة، يشقّ طريقه من الجنوب نحو الشمال». ويصف غارديني هجرة الطلاب بأنها «خسارة اجتماعية واقتصادية وديموغرافية وثقافية… إنها استنزاف صامت للموارد يفرغ مناطق بأكملها، ورحيل جزء من النخبة المستقبلية، تاركاً وراءه تساؤلات حول مصير الجنوب. إنها هجرة تكلّف المنطقة أكثر من 4 مليارات يورو».


ويفصّل تقرير «تشينسيس» و«كونفكواتيف» أحدث أرقام هذه الظاهرة، منطلقاً من حركة انتقال طلاب الجامعات. ففي عام 2022، انتقل أكثر من 134 ألف طالب من جنوب البلاد إلى جامعات وسط وشمال إيطاليا، بينما لم يتجه إلى الجنوب سوى عشرة آلاف طالب فقط، ما أدى إلى عجز صافٍ بلغ 124 ألف طالب.


وبحسب التقرير، خسرت الجامعات الجنوبية خلال عام واحد نحو 145.4 مليون يورو من الرسوم الدراسية، مقابل مكاسب وصلت إلى 256.1 مليون يورو للجامعات في الوسط والشمال، حيث ترتفع الرسوم الدراسية في العادة مقارنة بالمؤسسات التعليمية في الجنوب.


ويورد تقرير «تشينسيس – كونفكواتيف» أنه في عام 2022 اختار 23 ألف خريج من جنوب إيطاليا الاستقرار المهني في أقاليم الوسط والشمال، فيما عبر 13 ألفاً آخرون الحدود الوطنية عام 2024. وبذلك يصل عدد الشباب ذوي التأهيل العالي الذين يغادرون الجنوب إلى 36 ألف خريج يستثمرون مهاراتهم بعيداً عن المناطق التي موّلت مسيرتهم التعليمية.


وبالاستناد إلى بيانات «إستات» و«منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» و«سفيميتز»، قدّر «تشينسيس» أن كلفة التعليم الكامل للفرد الواحد تبلغ 112 ألف يورو تتحملها الدولة. وبضرب هذا الرقم في عدد الخريجين المهاجرين—36 ألفاً—يصل حجم الخسارة إلى 4.1 مليارات يورو من القيمة المهدورة: «أموال أنفقها الجنوب لتأهيل نخبة شابة، قبل أن تختار هذه الكفاءات ردّ خبراتها المكتسبة في أماكن أخرى».


ولا تقتصر تداعيات هجرة العقول على الخسائر الاقتصادية فحسب، بل تمتد أيضاً إلى الآثار الاجتماعية، من غياب التجديد الديمغرافي، إلى فقدان الطاقات والقدرات الشابة، وصولاً إلى تفريغ المناطق الداخلية من سكانها. ورغم أن مفهوم «الهروب» يوحي، من الناحية اللغوية، بمحاولة النجاة من ضرر أو خطر، فإن هذه الخطوة تمثّل في الغالب خياراً مؤلماً للطلاب والخريجين أنفسهم، الذين يضطرون إلى الابتعاد عن عائلاتهم وروابطهم الاجتماعية بدرجة تفوق بكثير ما يعيشه أقرانهم في وسط وشمال البلاد، سعياً وراء فرصة عمل أفضل.


ويجد هؤلاء أنفسهم يدفعون ثمن خيارات سياسية—آخرها مشروع «الحكم الذاتي المفرط»—لم تنجح في حلّ «المسألة الجنوبية» أو في بناء دولة تتحرك بسرعة واحدة وتنعم بتنمية متوازنة، بل أدّت إلى إنتاج بلد منقسم إلى كتلتين أو ثلاث كتل منفصلة: من جهة خدمات متقدمة للمواطنين وصناعة قوية، ومن جهة أخرى تهميش اجتماعي تُقدَّم ملامحه اليوم بأسلوب كاريكاتوري كتجربة سياحية من قبل مستثمري موجة «تسليع السياحة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا