ومن المقرَّر أن يعرض وزير الدفاع «غويدو كروزيتّو» تفاصيل الحزمة أمام «لجنة الرقابة على أجهزة الاستخبارات» (Copasir) في الثاني من ديسمبر المقبل. ويبدو أن التحفُّظات التي عبّر عنها زعيم حزب الرابطة «ماتِّيو سالفيني» قد تراجعت، بعدما كان في الأيام الماضية قد أبدى شكوكه بشأن إرسال شحنات جديدة من الأسلحة، على خلفية تَفَجٌّر فضيحة الفساد في أوكرانيا.
وجاء في البيان الختامي أن المجلس «يراقب بقلق إصرار روسيا على متابعة أهدافها التوسُّعية بأي ثمن». ويشير النَّص إلى أنَّ «كييف لا تزال هدفًا لقصف متواصل يستهدف بنى تحتية حيوية ومناطق مدنية، ما يُسبِّب انقطاعات واسعة للطاقة وسقوط عدد كبير من الضحايا»، لافتًا إلى أنَّ «الكلفة التي يتحمَّلها السكَّان تزداد فداحةً ولا عدالة فيها».
وانطلاقًا من هذا التقييم، يؤكِّد المجلس على استمرار الدَّعم العسكري لأوكرانيا: «وفي هذا الإطار يأتي المرسوم الثاني عشر الخاص بالمساعدات العسكرية. وتبقى المشاركة في مبادرات الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لدعم كييف والعمل من أجل إعادة إعمار البلاد مستقبلًا أمرًا أساسيًا».
كما دفع النزاع الحكومة إلى إعادة النظر في ضرورة تطوير القدرات الدفاعية الأوروبية. ويشير البيان إلى أنَّ «الحرب أظهرت تَحوُّلًا في طبيعة العمليات العسكرية، ولا سيما في ما يتعلَّق باستخدام الطائرات المسيّرة، التي تُوظِّفها روسيا أيضًا عبر انتهاكها المجال الجوي للناتو ودول الاتحاد الأوروبي». ويضيف: «فإذا كانت هذه الخروقات قد أثبتت جاهزية حلف شمال الأطلسي، فإنها تكشف في الوقت ذاته حاجة أوروبا إلى تكييف قدراتها مع السيناريوهات الجديدة، من خلال وضع مشاريع ابتكارية كتلك الواردة في الكتاب الأبيض للدفاع لعام 2030».
وعلى صعيد الميدان، تواجه أوكرانيا وضعًا متدهوِرًا بوتيرة متسارعة في جبهتَي «دونيتسك» و «زابوريجيا»، حيث أجبر تصاعد الهجمات الروسية القوات الأوكرانية على التراجع في عدَّة مواقع. ففي مقاطعة «زابوريجيا»، انسحبت قوات «كييف» من خمسة تجمُّعات سكنية، بينما تمكَّنت القوات الروسية في «بوكروفسك» من التقدُّم داخل المدينة مستغلَّةً الضباب الكثيف الذي أتاح دخول نحو ثلاثمئة جندي.
في هذا الصدد، أقرَّ القائد العام للقوات الأوكرانية، «أولكسندر سيرسكي»، بأنَّ القوات الروسية تتمتَّع بـ«أفضلية مسيطرة»، موضِّحًا أنَّ الوضع ازداد سوءًا خصوصًا في اتِّجاهي «أوليكساندريفكسي» و «غوليايبول»، حيث سمح التفوُّق العددي واللوجستي لموسكو بالسيطرة على ثلاثة قرى. كما اندلعت معارك عنيفة أسفرت عن خسائر كبيرة للقوات الأوكرانية في «ريفنوبيلّا» و «يابلوكوفه».
وفي موازاة التدهور العسكري، تَفجَّر داخل «كييف» ملف فساد جديد هزَّ المشهد السياسي، إذ أعلنت هيئة مكافحة الفساد إيقاف خمسة أشخاص — بينهم مسؤولون ورجل أعمال — بتهم تتعلَّق بتلقِّي رَشاوى تُقدَّر بنحو 100 مليون دولار، يُشتبه في أنَّها اقتُطِعت من أموال مخصَّصة لحماية المدنيين من انقطاعات الكهرباء الواسعة.
شارك في الاجتماع الذي عُقد في «بالاتْسو كْويرينالي» على مدى ثلاث ساعات أبرز أعضاء الحكومة وكبار القادة العسكريين، بينهم رئيسة الوزراء والوزراء المعنيون ورئيس هيئة أركان الدفاع. وجاء القرار الإيطالي في سياق سياسي يتّسم بتوتُّرات واضحة؛ إذ كانت «الرابطة» قد عبّرت في الأيام الماضية عن تحفُّظات كبيرة بشأن إرسال مساعدات جديدة، مشيرةً إلى «معطيات جديدة بالغة الخطورة والأهمية».
وكان زعيم الحزب «ماتِّيو سالفيني» قد صرَّح قائلًا: «يبدو أنَّ فضائح الفساد بدأت تتكشَّف، وهي تطال الحكومة الأوكرانية، وبالتالي لا أريد أن تُستخدَم أموال العمال والمتقاعدين الإيطاليين في تغذية مزيد من الفساد». ومع ذلك، يؤكِّد الضوء الأخضر الصادر عن السلطة التنفيذية أنّ الخط الرسمي للدولة يبقى في إطار الدَّعم الكامل لِـ «كييف».

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق