وتشمل طلبات الادعاء 75 متهما اختاروا المثول أمام المحكمة وفقًا لإجراءات المحاكمة المختصرة أمام قاضي جلسة ما قبل المحاكمة. وإذا ما أكَّدت المحكمة الرواية الاتهامية للنيابة، فستكون هذه واحدة من أهم الأحكام التاريخية المتعلِّقة بأنشطة المافيا في شمال إيطاليا.
أمَّا «فيليبو كريا»، فيُعدّ شخصية بارزة في عشيرة «إيامونتي» التابعة ل«ندرانغيتا»، ويُتهم بالعمل في "ميلانو» وضاحيتها في مجالات الفوترة المزوَّرة، وتوفير العمالة، وتبديل الأموال نقدا. بينما يُعتبر «ماسّيمو روزي» المسؤول الفعلي عن فرع «ندرانغيتا» في «لينيانو – لوناتي بُوتسولو».
كما طلبت النيابة إصدار أحكام بالسجن لمدة 18 عاما بحق كلّ من «برناردو باتشه» و «جاكومو كريستييلّو» و«جوزيبي بيتساتا»، و 16 عاما لكلّ من «روزاريو أبيليوني» و «سيرجو سانسيفيرينو» و«أنطونيو اغراسّو»، و 14 عامًا لـ دومينيكو باتشه، و12 عامًا لكلّ من «جوزيبّي رومِيو» و«دانييلا سانغالي».
لكن هذه ليست سوى جزء من القضية الشاملة. فهناك 59 متهما آخرون اختاروا إجراءات المحاكمة العادية، وعلى القاضي أن يقرِّر ما إذا كان سيُحيلهم إلى المحاكمة، بما يفتح الباب أمام بدء جلسات المرافعة. في المقابل، يسعى 11 متَّهمًا آخرين إلى التوصُّل لاتفاقات تسوية مع الادعاء.
في أكتوبر الماضي، اعترف قضاة محكمة الاستئناف (قسم مراجعة القرارات القضائية) رسميًا بوجود تحالف بين التنظيمات المافيوية الإيطالية الثلاث الكبرى في إقليم «لومبارديا»، وهو ما وثّقته على نطاق واسع تحقيقات وحدة التحريات الخاصة التابعة لكارابينييري «ميلانو» بشأن الاجتماعات التي جمعت أعضاء هذه الشبكات، والتي جرى ضمّها إلى ملف «قضية هايدرا» (Processo Hydra).
وأكد القضاة أن جوهر هذا "الميثاق" تمثل في إدارة تجارة المخدرات، والتغلغل في النسيج الاقتصادي وريادة الأعمال بالمنطقة، إضافة إلى عمليات غسل الأموال والابتزاز. وبقبولهم رواية النيابة – التي لم تكن قد حظيت بتأييد قاضي التحقيق قبل عام – اعتبر قضاة غرفة مراجعة القرارات القضائية أنه "تمّ إثبات أن الكيان المافيوي موضوع الاتهام استخدم بشكل فعلي وملموس وحالي ويمكن إدراكه قوة الترهيب، بما في ذلك من خلال أساليب عنيفة أو تهديدية، سواء لارتكاب الجرائم أو للسيطرة على الأنشطة الاقتصادية وإدارتها". وهي أنشطة، كما جاء في قرار المحكمة، "تُعدّ وفقاً للمعايير القانونية سمات نموذجية للطبيعة المافيوية للتنظيم".
وقد شكّلت شهادة وليام ألفونسو تشيربو، الملقّب بـ “سكارفيس”، دفعة قوية لمسار التحقيق. وتشيربو عضو في عشيرة “كاركانيُوزي” الكاتانية ويُعدّ أحد قيادات النظام المافيوي في لومبارديا. وقد أكّد في إفادته وجود “الكونسورتسيوم” وفعاليته، موضحاً أنّه «أُنشئ في عام 2019» بهدف «إدارة ثروة وأعمال ماتيو ميسينا دينارو».
وشارك «تشيربو» شخصيا في أول قمة للكونسورتسيوم راقبتها قوات الأمن، والتي عُقدت في 3 يونيو 2020 داخل مطعم «ساردينيا» في «إنفيرونو». وحضر الاجتماع – وهو واحد من عشرين اجتماعا وُثّقت لاحقا – كل من «فينتشينزو سينيزي»، نجل زعيم «كامورا روما» «ميكيلي سينيزي»، و «جواكّينو أميكو»، و «جانكارلو فيستيتي»، أحد كبار مديري ما بات يُعرف بـ “مافيا ش.م.” (Mafia Spa).
وقال الشاهد المتعاون مع العدالة: “المحور الأساسي لكل شيء هو الجانب الاقتصادي”، مشيراً إلى أنّ المافيات اتحّدت في ما بينها بهدف تعظيم أرباح الأنشطة غير القانونية، بينما تُرك الاتجار بالمخدرات لحرية كل مجموعة بحسب مصالحها.
وكان «دور تشيربو» داخل التنظيم بارزا، إذ تُنسب إليه «مهام اتخاذ القرار والتخطيط وتحديد الأعمال المطلوب تنفيذها، وقيادة أنشطة غير مشروعة في مجال العمليات الاقتصادية والمالية غير القانونية، والملكية الصورية، والمساهمة في تمويل الصندوق المشترك، والسيطرة على أنشطة اقتصادية، خصوصاً في قطاعي الخدمات اللوجستية والمطاعم».

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق