ووصف رئيس الوزراء البريطاني المرحلة الحالية بأنها «حرجة»، مؤكدًا الحاجة إلى «وقف إطلاق نار عادل ودائم». أما المستشار الألماني فأبدى «شكوكًا» إزاء بعض التفاصيل الواردة في الوثائق الأمريكية، مضيفًا: «علينا مناقشتها… الأيام المقبلة قد تكون حاسمة لنا جميعًا». ومن جانبه، قال الرئيس الفرنسي إن اجتماع «لندن» “أتاح مواصلة العمل المشترك بشأن الخطة الأمريكية، تمهيدًا لاستكمالها بالمساهمات الأوروبية وبالتعاون الوثيق مع أوكرانيا».”
Germany's chancellor said parts of the new US security strategy are 'unacceptable,' while advising the US not to go forward as 'America Alone.' pic.twitter.com/E8DR3cA9uo
— DW Politics (@dw_politics) December 9, 2025
في المقابل، تبرز الخلافات بين «واشنطن» و«الاتحاد الأوروبي»، خصوصًا بشأن مسألة التنازل عن الأراضي الأوكرانية، التي تُعدّ النقطة الأكثر حساسية وحسمًا في المفاوضات. وتسيطر «موسكو» حاليًا على نحو %80 من إقليم «دونباس» بعدما فشلت الهجمات الأوكرانية في استعادة المناطق المحتلة. وبينما تتمسك الدول الأوروبية بحق كييف في وحدة أراضيها، فإن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» ينتقد موقف أوروبا الذي يراه «مضلِّلًا». ونشر «ترامب» عبر منصته «تروث» مقالًا من «نيويورك بوست» بعنوان: «الأوروبيون العاجزون لا يملكون سوى الغضب لأن ترامب يستبعدهم بحق من الاتفاق حول أوكرانيا».
كما عبّر «ترامب» عن استيائه من موقف «زيلينسكي»، قائلًا إن الرئيس الأوكراني “لم يطّلع بعد على المقترح”، وذلك رغم انتهاء ثلاثة أيام من المحادثات بين المفاوضين الأمريكيين والأوكرانيين. أما «زيلينسكي» فأعاد التأكيد على رفضه القاطع لأي تنازل عن الأراضي، قائلاً: “بحسب القانون والدستور الأوكرانيين والقانون الدولي، لا نملك هذا الحق… ولا حتى الحق الأخلاقي.” لكن الواقع الميداني الصعب وتراجع أعداد الجنود الأوكرانيين يضعفان موقف كييف عسكريًا ودبلوماسيًا.
وتعكس الهوة بين الجانبين الأميركي والأوروبي مضمون استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة، التي تشير إلى تحوّل جوهري في النظرة الأمريكية للنظام الدولي، وإلى رغبة «واشنطن» في الابتعاد عن المسؤوليات التقليدية اتجاه أوروبا، التي تقول الوثيقة إنها تواجه «خطر اندثار الحضارة». كما تنتقد الاستراتيجية ما تصفه بتوقعات «غير واقعية» لدى المسؤولين الأوروبيين بشأن الحرب، و«أنظمة حكم أقلية هشة تقمع المعارضة».
ومن المقرر أن تقدّم أوكرانيا اليوم للولايات المتحدة نسخة معدّلة من خطة سلام من 20 نقطة، أُعيدت صياغتها بعد اجتماع لندن. وأكد زيلينسكي أنه لا يزال لا يوجد اتفاق حول مسألة الأراضي. كما التقى الرئيس الأوكراني اليوم البابا «ليون الرابع عشر»، على أن يجتمع عند الساعة الثالثة عصرًا برئيسة الوزراء الإيطالية «جورجا ميلوني» في قصر كيجي. وقد جدّدت «ميلوني» «الدعم الثابت» لأوكرانيا، رغم حساسية موقفها بسبب قربها السياسي من إدارة «ترامب».
وتأتي الضغوط الأمريكية لانتزاع موافقة كييف على اتفاق السلام في لحظة شديدة الصعوبة؛ إذ تحقق القوات الروسية تقدمًا في الشرق، بينما تعاني المدن الأوكرانية من انقطاع الكهرباء لساعات بفعل الهجمات المتصاعدة على شبكة الطاقة والبنية التحتية الحيوية. ويتزامن ذلك مع عجز الاتحاد الأوروبي عن تقديم دعم مالي وعسكري فعلي كما في السابق.
