ويُعتبَر القفطان رداءً طويلًا يُصنع من أنواع مختلفة من الأقمشة والتطريزات، وتختلف أشكاله باختلاف المناطق. وبينما يؤكِّد المغرب في ملف ترشيحه لدى «اليونسكو» على أنَّ القفطان هو نتاج تلاقح الثقافات «العربية والأمازيغية (البربرية) واليهودية»، فإنَّه في الوقت نفسه بات محور صراع رمزي على المِلكية الثقافية بين البلدين.
وعقب قرار «اليونسكو»، احتفت وسائل إعلام مغربية بما اعتبرته «انتصارًا» على الجزائر التي تطالب بدورها بأصول القفطان. وكتبت صحيفة «لوبينيون» المغربية في عنوان بارز: «مغربية القفطان: الجزائر تُهزم هزيمة قاسية في اليونسكو».
من جهته، اعتبر موقع «Le360» الإخباري أنَّ «الجزائر مُنيت بإخفاق جديد مدوٍ»، مشيرًا إلى أنَّ الجزائر حاولت «عرقلة عملية الإدراج عبر تقديم تعديل». وأضاف أنَّ ممثِّلي الجزائر سعوا حتّى اللَّحظات الأخيرة إلى منع إدراج «القفطان المغربي» ضمن التراث الثقافي غير المادّي، متَّهمين المغرب بإدراج «عناصر من الحلي والزينة» سبق للجزائر أن قدَّمتها في ملفَّات سابقة، بحسب ما نقلته صحيفة «لوبينيون» الفرنسية.
في المقابل، شدَّدت وزارة الثقافة المغربية في بيان لها على أنَّ القفطان «رمز حي للهوية المغربية، تناقلته الأجيال من الأمَّهات إلى البنات، ومن الحرفيين إلى تلامذتهم، على مدى أكثر من ثمانية قرون».
«تراث جزائري»
مع ذلك، لم تغادر الجزائر اجتماعات الدورة العشرين للَّجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادِّي التابعة ل«ليونسكو»، المنعقدة في «نيودلهي» بالهند، من دون مكاسب. إذ اعترفت المنظمة بالقفطان بوصفه مكوِّنًا من «التراث الجزائري».
واحتفت السُّلطات الجزائرية بدورها بهذا الاعتراف، موضِّحةً في بيان رسمي أن العنصر الجزائري بات يحمل التسمية الجديدة: «اللِّباس النسوي الاحتفالي في الشرق الجزائري الكبير: المعارف والمهارات المرتبطة بصناعة وتزيين القندورة، والمِلحفة، والقفطان، والقط، واللحاف».
واعتبرت السُّلطات الجزائرية أن «هذه القرارات تُمثِّل نجاحًا دبلوماسيًا كبيرًا جديدًا للجزائر، سواء على الساحة الثقافية الدولية أو في إطار الدبلوماسية متعدِّدة الأطراف».
يُذكَر أنَّ الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب عام 2021، على خلفية عدة ملفات أبرزها قضية الصحراء الغربية، وهي منطقة شاسعة يسيطر المغرب على معظمها، في حين يطالب باستقلالها مقاتلو جبهة «البوليساريو» المدعومة من الجزائر.
وفي 31 أكتوبر، اعتمدت الأمم المتحدة للمرَّة الأولى قرارًا اعتبر مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي قدَّمته الرباط عام 2007، «الحل الأكثر واقعية» لإنهاء نزاعٍ مستمرٍّ منذ نحو نصف قرن.
