قبرص تصبح أول دولة أوروبية تستورد الغاز من إسرائيل - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

قبرص تصبح أول دولة أوروبية تستورد الغاز من إسرائيل

قبرص تصبح أول دولة أوروبية تستورد الغاز من إسرائيل

الإيطالية نيوز، الجمعة 18 ديسمبر 2025 – تتجه جزيرة قبرص، التي عُرفت طويلًا بشواطئها وبنزاعها المجمد منذ حقبة الحرب الباردة، إلى لعب دور محوري في شرق البحر المتوسط. فالحكومة المعترف بها دوليًا، وهي حكومة الشطر اليوناني من الجزيرة، تعمل على ترسيخ موقعها كمركز دبلوماسي–طاقوي إقليمي، مستفيدة من موقعها الجغرافي القريب من لبنان وإسرائيل وفلسطين.


وفي هذا السياق، وقّع الرئيس القبرصي «نيكوس خريستودوليديس» قبل أيام في «بيروت» اتفاقًا تاريخيًا مع لبنان لترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة، وصفه بأنه «محطة ذات أهمية استراتيجية». ويضع الاتفاق حدًا لنحو عشرين عامًا من المفاوضات، ويفتح الباب أمام مشاريع تعاون في مجال الطاقة، بينها احتمال الربط الكهربائي بين البلدين. ويأتي ذلك بالتوازي مع اتفاق حديث أبرمته قبرص مع إسرائيل، يقضي بتزويد الجزيرة بالغاز الطبيعي.


وعادت قضية الغاز، التي تشمل أيضًا شركة «إيني» الإيطالية وتمتد جذورها لأكثر من ربع قرن، إلى صدارة المشهد بفعل التوترات الإقليمية والمبادرات الأميركية الرامية إلى كسر العزلة النسبية المفروضة على إسرائيل. وفي هذا الإطار، يبرز اتفاقان أساسيان: الأول بين قبرص ولبنان، والثاني بين قبرص وإسرائيل. وليس من قبيل الصدفة أن يأتي اتفاق ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة مع «بيروت» في هذا التوقيت، إذ مهدت «نيقوسيا»، بالتوازي مع المفاوضات الطويلة مع لبنان، لاتفاقها مع إسرائيل عبر مشروع خط أنابيب تابع لشركة «إنيرجيان»، يهدف إلى ربط حقول غاز عاملة بالفعل، مثل «كاريش» و«كاريش نورث».


وتتيح هذه المعطيات إمكانية ما يشبه «المثلث التعاوني» لتفادي إشعال توترات بين إسرائيل ولبنان في مرحلة إقليمية حساسة، رغم أن «بيروت» و «تل أبيب» كانتا قد توصلتا عام 2022 إلى اتفاق بوساطة أميركية لترسيم حدودهما البحرية وتقاسم المكامن، وإن بشروط وُصفت بأنها أكثر ملاءمة لإسرائيل.


ويُعد مشروع خط أنابيب «إنيرجيان» الخيار الأسرع والأكثر واقعية لتزويد قبرص بالغاز الطبيعي، بحسب الرئيس التنفيذي للشركة «ماثيوس ريغاس»، الذي أكد للصحافة القبرصية أن البنية التحتية يمكن إنجازها خلال 12 شهرًا من تاريخ إصدار التراخيص الحكومية اللازمة، وبكلفة تقديرية تتراوح بين 350 و400 مليون دولار. والمشروع، وفق «ريغاس»، خاص بالكامل، وقد تموله «إنيرجيان» ذاتيًا، مع إمكانية إشراك شركاء في مراحل لاحقة.


غير أن المشهد الجيوسياسي المعقد يضع تركيا في صدارة عوامل عدم اليقين. فأنقرة وسلطات «جمهورية شمال قبرص التركية» لا يشاركان في المشاريع التي تبرمها «نيقوسيا» اليونانية، وقد اعتبرتا هذه المبادرات الأحادية انتهاكًا للتفاهمات بين شطري الجزيرة، والتي ترعاها الأمم المتحدة. وتطرح هذه الاعتراضات سؤالًا جوهريًا: ما الذي سيجنيه القبارصة الأتراك من مبادرات رئيس الشطر الجنوبي؟ إذ تعتبر السلطات الانفصالية أن جزءًا كبيرًا من المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لجمهورية قبرص يقع ضمن نطاق ولايتها، وهو ما يشكل إشكالية كبيرة.

ولم تقف الولايات المتحدة موقف المتفرج، إذ فتحت قنوات تفاوض مع تركيا بهدف تجنب أي تصعيد مفاجئ، مع السعي في الوقت نفسه لإيجاد مقاربة لمعالجة الانقسام القبرصي المستمر منذ أكثر من خمسين عامًا. ولم تنجح الحوافز الأوروبية حتى الآن في إقناع الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، كما أن أي ربط محتمل بين سحب القوات التركية من الجزيرة والاتفاقات الطاقوية سيجعل التسوية شديدة التعقيد، في ظل تمسك كل طرف بخطوطه الحمراء المتعلقة بالسيادة والحقوق الإقليمية والقانون الدولي. وفي المقابل، لا ترغب «أنقرة» في المخاطرة بالإقصاء عن مشاريع الطاقة في شرق المتوسط.


وفي الوقت الراهن، تعتبر تركيا أن الاتفاق المرتقب بين «نيقوسيا» (الجنوب) و «تل أبيب» بشأن خط الأنابيب يمثل انتهاكًا، وترى أنه يرتبط أيضًا بتزايد الوجود الإسرائيلي في قبرص. في غضون ذلك، وقّعت «إنيرجيان» خطاب نوايا مع مجموعة «سايفيلد» القبرصية الصناعية والطاقوية لتزويد محطة كهرباء مستقبلية تابعة للمجموعة بالغاز. وتبلغ القدرة الاستيعابية المتوقعة لخط الأنابيب نحو مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يكفي لتغطية احتياجات المحطة وتوفير كميات إضافية للسوق القبرصية.


وأوضح «ريغاس» أن المشروع قابل للتنفيذ الفوري، لكونه يعتمد على حقول إسرائيلية عاملة منذ أكثر من ثلاث سنوات، مثل «كاريش» و«كاريش نورث»، التي تلبي نحو %50 من الطلب الإسرائيلي على الغاز. ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة الإنتاج اعتبارًا من عام 2027 مع دخول حقل «كاتلان» الجديد الخدمة.


ولا يُفترض أن يحل هذا المشروع محل الاستراتيجية الطاقوية القبرصية، بل أن يكملها، إذ يظل كل من «محطة فاسيليكوس»، ومشروع وحدة التخزين وإعادة التغويز العائمة (FSRU)، وتطوير الحقول القبرصية عناصر أساسية في مساعي الحكومة لتحويل الجزيرة إلى مركز إقليمي للطاقة. وبهذا، قد تصبح قبرص أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تستورد الغاز الإسرائيلي عبر خط أنابيب، ضمن خطة مدعومة أميركيًا لتعزيز محور قبرص–اليونان–إسرائيل وصيغة التعاون الاستراتيجي «3+1»، مع بقاء العديد من القضايا السياسية والقانونية العالقة من دون حسم.

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا