🖊عبد اللطيف الباز / ميلانو
لم تكن ليلة «تريفيزو» الإيطالية عادية، فبين أضواء المدينة وهدوء شوارعها، ارتفعت نبرة الانتماء المغربي عاليًا، حين اختارت الجالية المغربية أن تفتتح كأس أمم إفريقيا على طريقتها الخاصة، بعشاء وطني جمع القلوب قبل أن يجمع الأنظار نحو المستطيل الأخضر.
الحدث، الذي احتضنه أحد الفنادق المصنَّفة، لم يكن مجرَّد متابعة لمباراة المنتخب الوطني الرَّديف، بل لحظة رمزية أعادت للمغاربة المقيمين بإيطاليا إحساس القرب أكثر من الوطن، في تجربة امتزج فيها الحماس الرياضي بالدِّفء الإنساني وروح الجماعة.
وبمبادرة من المهرجان الدولي المغربي الإيطالي، وبدعم من «الخطوط الملكية المغربية» للطيران (RAM)، نجح المنظِّمون في تحويل مناسبة رياضية إلى فضاء للتلاقي والتعارف وتبادل الفخر بالانتماء، في صورة تعكس نضج العمل الجمعوي داخل الجالية وقدرته على صناعة الفارق.
الحضور اللَّافت للانتباه للقنصل العام للمملكة المغربية بمدينة «فيرونا»، «عبد الإله النجاري»، أضفى على الأُمسية بعدًا مؤسَّساتيًا مُميّزًا، حيث شكَّل تفاعله المباشر مع أفراد الجالية رسالة واضحة بأنَّ الوطن حاضر مع أبنائه أينما كانوا، ليس فقط بالشعارات، بل بالفعل والتواصل.
ومع صافرة البداية (مقابلة المغرب امام جزر القمر)، لم يكن التشجيع مجرّد هتاف، بل تعبيرًا صادقًا عن ارتباط وجداني يتجاوز نتيجة مباراة أو مسابقة قارية، ليؤكد أن كرة القدم تظل إحدى أقوى لغات الوحدة الوطنية، خاصَّة حين تُنطَق من خارج الحدود.
هكذا، قدّمت الجالية المغربية بمدينة «تريفيزو» درسًا هادئًا في كيفية تحويل اللَّحظات الرياضية إلى أدوات للدبلوماسية الثقافية، وترسيخ صورة مغرب متماسك، حاضر بثقافته وقيمه وأبنائه، حتَّى وهو بعيد جغرافيًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق