وحُكم على «غارسيا أورتيز» بالمنع من تولّي المناصب العامة لمدة عامين بتهمة إفشاء سرّ وظيفي. وقد أثارت القضية جدلًا واسعًا في إسبانيا واحتلَّت مساحة بارزة في وسائل الإعلام، خصوصًا لأنَّها تطال اثنين من أكبر الأحزاب في البلاد: «الحزب الاشتراكي» الحاكم و «حزب الشعب» المحافظ المعارض.
وفيما يتعلَّق بالاشتراكيين. فهم يتضرّرون من القضية لكون «غارسيا أورتيز» عُيّن بقرار من حكومة «سانتشيز»، ما انعكس سلبًا عليها. أما «حزب الشعب»، فتعود صلته بالقضية إلى التحقيق مع رجل الأعمال «ألبرتو غونزاليز أمادور»، شريك إحدى أبرز قيادات الحزب: «إيزابيل دياز أيوسو»، رئيسة إقليم مدريد.
البداية كانت مع اتهام «غونثاليز أمادور» بالتهرُّب من الضرائب بنحو 350 ألف يورو. وقد حظي الملف بتغطية إعلامية واسعة منذ بدء التحقيقات عام 2024، نظرًا لعلاقته بِـ «أيوسو»، كما استخدمه الاشتراكيون حينها لمهاجمة رئيسة الإقليم.
واتُّهم النائب العام لاحقًا بتسريب مراسلات عبر البريد الإلكتروني بين نيابة مدريد ومحامي «غونثاليز أمادور» إلى صحف إسبانية، وهو ما مكَّنه من تهم إفشاء السرّ الوظيفي.
وجاء تسريب تلك الرسائل بعد نشر صحيفة "إلموندو" المحافظة تقريرًا يَدَّعي أن النيابة عرضت تسوية على رجل الأعمال، وهو ادعاء تبيَّن لاحقًا أنَّه غير صحيح وأنَّ مصدره مدير مكتب رئيسة إقليم مدريد، الذي أقرّ بذلك لاحقًا. وفي الواقع، كانت الرسائل المسرَّبة تُظهر العكس: أن رجل الأعمال هو من عرض الاعتراف مقابل تخفيف العقوبة، وهو ما أكَّدته النيابة نفسها في بيان رسمي.
وإلى حين صدور حيثيات الحُكم، لا يزال غير واضح ما إذا كانت المحكمة تعتبر «غارسيا أورتيز» المسؤول المباشر عن التسريب. فهو ينفي التهم، ودفاعه يشير إلى أن مسؤولين آخرين في النيابة العامة كانت لهم إمكانية الوصول إلى الرسائل. كما أفاد صحفيون استُدعوا للشهادة بأن النائب العام لم يكن مصدرهم، فيما تمسّك آخرون بسرّية المصادر الصحفية. لكن المؤكّد أن الحكم يصبُّ في مصلحة حزب الشعب. فالاشتراكيون والمحافظون يتبادلون الاتهامات منذ سنوات باستخدام القضاء لتصفية الحسابات السياسية. وتصاعدت حدَّة الخطاب بالتزامن مع الذكرى الخمسين لوفاة الديكتاتور «فرانثيسكو فرانكو»، إذ تبادل الطرفان اتهامات بتبنّي "أساليب سلطوية".
وفي هذا الصدد، صعّدت أحزاب اليسار اللهجة بشكل خاص. فقد وصفت حركة «سومار» اليسارية الداعمة للحكومة القرار بأنه "انقلاب قضائي"، وتبنَّى «بوديموس» الموقف نفسه. وفي المقابل، طالب حزب الشعب باستقالة الحكومة، بينما ذهبت «فوكس» اليمينية المتطرِّفة إلى حدّ المطالبة باعتقال رئيس الوزراء.
وفي صيف العام الماضي، واجه الحزب الحاكم فضيحة أكثر خطورة، بعدما طالت التحقيقات ثلاثة من قيادييه البارزين في ملف فساد كبير تخلَّلته تسجيلات تنصُّت. واليوم، تضيف قضية «غارسيا أورتيز» المزيد من الضغوط.
يؤكّد «سانتشيز» وحلفاؤه أن التحقيقات موجَّهة سياسيًا، مشيرين إلى أنَّ الحُكم الأخير اتَّخذ منحًى سياسيًا واضحًا، بعدما صدر بأغلبية 5 مقابل 2 داخل الدائرة المختصة — وهي انقسامات لا تظهر عادة إلا في القضايا ذات الحساسية السياسية. وتتمتَّع المحكمة العليا بأغلبية محافظة تميل إلى حزب الشعب، بينما جاء الصوتان المعارضان من قاضيتين تقدميتين.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق