إيطاليا أمام معركة انتخابية مبكرة: اليمين الإيطالي يسعى لتغيير قانون الانتخابات…ومعارضة واسعة وتحفظات دستورية - الإيطالية نيوز

إعلان فوق المشاركات

إيطاليا أمام معركة انتخابية مبكرة: اليمين الإيطالي يسعى لتغيير قانون الانتخابات…ومعارضة واسعة وتحفظات دستورية

إيطاليا أمام معركة انتخابية مبكرة: اليمين الإيطالي يسعى لتغيير قانون الانتخابات…ومعارضة واسعة وتحفظات دستورية

جوفاني دونزيلي وجورجا ميلوني في مجلس النواب، 22 مارس 2023 (روبرتو مونالدو/لاپريسه)
الإيطالية نيوز، الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 –  بعد ساعات قليلة من إغلاق صناديق الاقتراع في «بوليا» و «كامبانيا» و «فينيتو»، وبينما كان الفرز النهائي لا يزال في مراحله الأولى، صرّح القيادي البارز في حزب «إخوة إيطاليا»، «جوفانّي دونزيلّي»، بضرورة الإسراع في تعديل قانون الانتخابات الوطني.


وأكد «دونزيلّي» أن الأعوام الثلاثة الماضية من عمر الحكومة أثبتت أهمية الاستقرار السياسي، إلَّا أنَّ هذا الاستقرار – برأيه – لم يكن ليتحقَّق لولا خوض أحزاب يسار الوسط انتخابات عام 2022 منقسمة، ما منح ائتلاف رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني» أفضلية كبيرة.


وأضاف أنه في حال توحَّدت صفوف المعارضة، كما حدث في الانتخابات الإقليمية الأخيرة، فمن المرجح أن تُفضي الانتخابات الوطنية إلى شبه تعادل، وهو سيناريو لن يسمح بتشكيل أغلبية برلمانية متماسكة.


لدى منطق «دونزيلِّي» مبرِّراته، لكنَّه يعاني على الأقل من عيبين. الأوَّل يتمثَّل في أن تصميم نظام انتخابي استنادًا إلى الوضع السياسي الرَّاهن قد يؤدي، في أفضل الأحوال، إلى إقرار قانون انتخابي مفيد فقط طالما ظل المشهد السياسي على حاله — وهو ما يقلق في إيطاليا حيث تتغيَّر المعطيات السياسية بشكل متكرِّر. والثاني، المكمِّل للأوَّل، يكمن في أن وراء هذه النظرية مصلحة خاصة واضحة لجورجا ميلوني: تغيير قانون الانتخابات من شأنه أن يزيد من فرصها في تحقيق فوز جديد عام 2027.


تنطوي الحيلة الكامنة في خطاب «دونزيلّي» على قدر من الدهاء يشبه ما لجأ إليه سياسيون أخرون في الماضي، وهو ما يُفسِّر الانتشار غير المألوف للقوانين الانتخابية في إيطاليا. فعلى مدى الأربعين عامًا الماضية، لم يبدّل أي بلد غربي أخر منظومته الانتخابية بالوتيرة نفسها، وذلك أساسًا لأنَّ كل حكومة حاولت توجيه نتائج التصويت لصالحها عبر تعديل قواعد اللُّعبة قبيل الانتخابات — من دون أن تنجح في تحقيق هذا الهدف في أي مرَّة.


تبيَّن أنَّ أحزاب الأغلبية تعمل منذ الصيف الماضي على إعداد إصلاح انتخابي جديد: بدأت العملية بكثير من التحفُّظ، ثم أخذت تصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت، قبل أن تُطرَح علنًا اعتبارًا من يوم الاثنين. حتَّى الآن تبقى المناقشات محصورة داخل معسكر اليمين، ويتولَّى التفاوض كلٌّ من «جوفاني دونزيلي» عن «إخوة إيطاليا»، و«ستيفانو بنيني» عن «فورتسا إيطاليا»، والقياديان في «الرابطة» «أندريا باغانيلا» و «روبرتو كالدرولي». كما تطرّق بعض القادة السياسيين إلى الموضوع بين حين وآخر. ويُعرَف إلى حدّ كبير الإطار الذي تحدث مناقشته: نظام نسبيّ خالص يقوم على مبدأ “كلَّما زادت الأصوات زادت المقاعد”، على أن يُرفَد بـ«جائزة أغلبية» قوية تمنح الائتلاف الفائز امتياز الحصول على كتلة واسعة من «النواب» و «الشيوخ».


تتعدَّد الأسباب التي تدفع رئيسة الوزراء «جورجا ميلوني» إلى السعي لتغيير القانون الانتخابي، وفي مقدمتها الرغبة في إلغاء الدوائر الفردية. فالقانون الحالي المعروف بـ«روزاتيلّوم» ينص على توزيع نحو ثلثي مقاعد البرلمان وفقًا نظام التمثيل النسبي، بينما يُخصّص الثلث المتبقي للدوائر الفردية، حيث يقدِّم كل ائتلاف مرشحه الخاص، ويُنتخب المرشح الحاصل على أعلى الأصوات، وفق آلية تُعدّ في جوهرها «أغلبيّة». وهذا يطرح، بالنسبة إلى «ميلوني»، مشكلتين أساسيتين.


أولًا، بصفتها زعيمة الحزب المهيمن داخل الائتلاف، تجد نفسها مضطرة لمنح حلفائها عددًا من المقاعد يفوق ما تعكسه قوتهم الانتخابية. فعلى سبيل المثال، رغم أنَّ «الرابطة» حصلت في انتخابات 2022 على نسبة تقارب ثلث أصوات إخوة إيطاليا (8.8 في المئة مقابل 26 في المئة)، فإن تمثيلها البرلماني يزيد على نصف تمثيل «إخوة إيطاليا»—65 نائبًا مقابل 116 في «مجلس النواب»، و29 عضوًا مقابل 63 في «مجلس الشيوخ».


ثانيًا، في نظام الدوائر الفردية يصبح توزيع الأصوات على امتداد المناطق الإيطالية أكثر أهمية—خصوصًا بالنسبة لانتخابات «الشيوخ». وبصورة مبسطة، لا يكفي الفوز بفارق كبير في عدد محدود من الدوائر، بل يفترض الفوز ولو بفارق ضئيل في أكبر عدد ممكن منها، لأنَّ ذلك يترجم إلى حصاد مقاعد أوسع حتّى مع عدد أصوات إجمالي أقل. وهذا يمنح أفضلية ضمنية لمركز اليسار إذا خاض الانتخابات بصف واحد كما هو حاله اليوم. وتشير بعض المحاكاة الانتخابية، التي تفترض وجود معسكر تقدُّمي موحَّد في انتخابات 2022 بدلًا من خوضه المنافسة بثلاث قوائم منفصلة، إلى أنَّ «ميلوني» كانت ستخسر ما لا يقل عن عشرين مقعدًا في «الشيوخ»، ما كان سيحرمها فعليًا من الأغلبية.


وبحسب هذه المحاكاة نفسها، كان مركز اليسار سيكسب مقعدًا واحدًا في «بيمونتي»، وواحدًا في «لومبارديا»، واثنين في «ليغوريا»، وثلاثة في «إميليا-رومانيا»، وثلاثة في «توسكانا»، وواحدًا في «ماركيه»، وثلاثة في «لاتسيو»، وثلاثة في «كامبانيا»، وخمسة في «بوليا»، ومقعدًا على الأقل في كل من «صقلية» و«سردينيا». كما كانت دوائر أخرى فاز بها يمين الوسط بسهولة في 2022 ستصبح في دائرة الشك. وهذه التوقعات تبقى موضع نقاش واسع، لأنها لا تأخذ في الاعتبار المتغيّرات التي قد تطرأ حتَّى انتخابات 2027 أو التبدّلات المحتملة في الخريطة السياسية. لكن، في نهاية الأمر، كانت هذه الحسابات الأساس الذي قاد يمين الوسط إلى الاقتناع بضرورة تعديل القانون الانتخابي.


أمَّا المطلب الآخر ل«ميلوني»، فهو إدراج اسم مرشّح الائتلاف لرئاسة الحكومة على ورقة الاقتراع، ما يعني إدخال تعديل غير مباشر يشبه ذلك الذي كان «إخوة إيطاليا» يسعى إلى إقراره ضمن مشروع الإصلاح الدستوري الخاص بـ«الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة»، وهو مشروع اتضح أنه أكثر تعقيدًا وطولًا مما كان متوقَّعًا. ومن شأن هذا الإجراء أن يمنح الحزب الذي يقدّم مرشَّح رئاسة الحكومة ميزة انتخابية كبيرة بفعل «تأثير الجرّ»، الأمر الذي يفسّر عدم حماسة «ماتيو سالفيني» و «أنطونيو تاياني» لهذا المقترح، إذ إن المستفيدة الوحيدة منه ستكون «ميلوني» على حسابهما.


يواجه «إخوة إيطاليا» صعوبات لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل تمتد أيضًا إلى المسائل الدستورية. فـ«جائزة الأغلبية» تبقى، بطبيعتها، عاملًا محفوفًا بالشكوك. ففي عام 2017 حدّدت المحكمة الدستورية، خلال نظرها في قانون انتخابي أخر هو «إيطاليكوم»، مبدأ مفاده أن أي تصحيح أغلبي مبالغ فيه يمكن أن يشوّه التمثيل البرلماني، وبالتالي يجب أن تكون جائزة الأغلبية محدودة. وقد اعتبرت المحكمة آنذاك أن منح من يصل إلى 40 في المئة من الأصوات نسبة 55 في المئة من مقاعد «مجلس النواب» أمرٌ مفرط. ولهذا اقترح حزب «إخوة إيطاليا» صيغة «جائزة متدرجة»: يحصل من ينال 40 في المئة من الأصوات على 52 في المئة من المقاعد، ومن يصل إلى 45 في المئة يحصل على 55 في المئة. لكن ليس مضمونًا أن تتجاوز هذه الصيغة اعتراضات المحكمة.


إلى جانب ذلك، يصعب نقل هذا النوع من الجائزة، على المستوى الوطني، إلى «مجلس الشيوخ». فالدستور ينصُّ على أن «يُنتخب «مجلس الشيوخ» على أساس إقليمي»، ولهذا كان «إيتاليكوم» يقتصر على مجلس النواب فقط. ولتجاوز هذا العائق، يُناقش اعتماد آلية بديلة معقّدة نسبيًا، تقوم على منح جائزة الأغلبية بناءً على نتائج كل منطقة على حدة، لكن عبر «قائمة وطنية» موحّدة للمرشحين.


وتبرز أيضًا مشكلات إضافية تتعلق بشكل القوائم الانتخابية. إذ يرفض ائتلاف اليمين التخلِّي عن القوائم المغلقة، التي تتيح لقيادات الأحزاب تحديد المرشحين الفائزين بدل ترك الاختيار مباشرة للناخبين. لكن، انسجامًا مع توجيهات المحكمة الدستورية، يجب أن تكون هذه القوائم قصيرة كي يتسنَّى للناخب معرفة الشخص الذي يساهم صوته في انتخابه. وهذا بدوره يشكل نقطة خلاف أخرى، إذ إن ممثلي المعارضة، خلال النقاشات الأولية المحدودة، أوضحوا أن أحد الشروط الأساسية للمشاركة في مسار إصلاح مشترك هو إعادة العمل بنظام التفضيلات المباشرة، أي كتابة اسم المرشح المختار على ورقة الاقتراع، كما يحدث في الانتخابات الإقليمية والأوروبية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان اسفل المشاركات

كن على أتصال

أكثر من 600,000+ متابع على مواقع التواصل الإجتماعي كن على إطلاع دائم معهم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جرائم قتل النساء في إيطاليا